عليهم بما ظنّوه وأحلفوا على الزائد قال المحقّق قدسسره : وفيه تردّد. (١)
أقول : أمّا وجه الحكم على الورثة بما ظنّوه لأنّهم أقرّوا واعترفوا بإجازة هذا المقدار ، وأمّا إحلافهم على عدم إجازة الزائد فلأجل أنّهم منكرون إجازة الزائد ، والموصى له يكون مدّعيا لإجازة الزائد ، والأصل مع الورثة ، أي أصالة عدم صدور الإجازة بالنسبة إلى الزائد ، أو أصالة عدم العلم بالزائد.
هذا ، مضافا إلى أنّ هذه الدعوى ممّا لا يعلم إلاّ من قبلهم ، لأنّ ما يدّعون من كونهم ظانّين بالقلّة أمر مخفي على غيرهم ، فلا يطلبون بالبيّنة ، لعدم إمكان إقامتها على مثل تلك الدعوى غالبا ، لعدم اطّلاع الغير على الضمائر وما في النفس إلاّ من إخبار وإظهار صاحب الضمير ، وفي مثل هذه الدعوى لا يكلّف المدّعي بالبيّنة ، فلا يبقى ميزانا للقضاء إلاّ الحلف ، ولذلك يحلف.
وأمّا وجه تردّد المحقق قدسسره لأنّ المسألة ذات وجهين :
أحدهما : ما ذكرنا من أنّ الورثة يقضى عليهم بما ظنّوه ، لأنّهم أقرّوا واعترفوا بإجازة ذلك المقدار ، وإقرار العقلاء على أنفسهم جائز (٢). وسماع قولهم بالنسبة إلى الزائد عمّا ظنّوه ، لمطابقة دعواهم للأصل ، فيكونون منكرين على حسب موازين باب القضاء ، وعليهم الحلف لا البيّنة.
والوجه الثاني : هو أنّ اعترافهم بأنّهم أجازوا النصف مثلا أو ما هو زائد على الثلث حجّة عليهم ، فقولهم : « ظنّنا أنّه قليل » من قبيل الإنكار بعد الإقرار فلا يسمع ، وذلك لأنّ ظواهر الألفاظ وما هو المتفاهم منها عند العرف حجّة.
ولذلك في باب الأقارير لو أقرّ بلفظ وكان ذلك اللفظ ظاهرا في معنى ، فأنكر
__________________
(١) « شرائع الإسلام » ج ٢ ، ص ٢٤٧.
(٢) « عوالي اللئالي » ج ١ ، ص ٢٢٣ ، ح ١٠٤ ، ج ٢ ، ص ٢٥٧ ، ح ٣ ، ج ٣ ، ص ٤٤٢ ، ح ٥ ، « وسائل الشيعة » ج ١٦ ، ص ٣٣ ، أبواب الإقرار ، باب ٣ ، ح ٢.