هذا ما قاله في الشرائع (١) ، ولكن لم نفهم وجها للرجوع إلى الوارث في تفسير هذه الألفاظ ، بل المعتبر في تشخيص مراد الموصي هي الظهورات عند أهل المحاورة ، وحال الوارث مع غيره في ذلك سواء.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ الوارث خصوصا إذا كان من الأقرباء الأقربين كأولاده المعاشرين معه عارف بالمعنى الذي يريد من هذه الألفاظ ، فيكون التبادر إلى أذهانهم ـ بواسطة الأنس باستعمالاته ـ دليلا على أنّ مراده من هذه الألفاظ هو هذا المعنى الذي تبادر إلى أذهانهم ، وإلاّ فلا وجه للرجوع إليهم أصلا ، بل الصحيح هو أنّه لو استعمل الألفاظ المجملة في وصيته أو إقراره يكون كلامه غير حجّة وكأنّه لم يكن ، فالمرجع هي الأصول العمليّة.
ويمكن أن يكون المراد من الرجوع في تفسير هذه الألفاظ إلى الوارث من جهة أنّ التركة بين الموصى له والوارث ، فأيّ مقدار عيّن للفظ إمّا واقعا للموصى له فيعطيه ما هو حقّه وملكه ، وإمّا تمامه أو بعضه ملك للوارث ، فهو باختياره يعيّنه للموصى له وله ذلك ، لأنّ الناس مسلطون على أموالهم.
ولكن يظهر من عبارة الشيخ قدسسره في المبسوط أنّ هذه الألفاظ حيث أنّ إجمالها بواسطة صدقها على القليل والكثير ، فالوارث مخيّر بين تطبيقها على القليل والكثير ، بل وعلى أيّ مرتبة من مراتب مصاديق هذه الألفاظ فله حقّ التفسير والتطبيق ، لذلك يرجع إليه في التفسير.
وأمّا احتمال أن يكون تفسيره وتطبيقه على أقلّ ممّا يستحقّه الموصى له فليس له هذا الحقّ ، مدفوع بأصالة عدم استحقاقه للزائد. ولعل هذا أحسن الوجوه لهذا الحكم ، أي للرجوع إلى الوارث في تفسيرها.
قال في المبسوط : إذا قال لفلان : حظّ من مالي أو نصيب أو قليل ، فإنّه يرجع
__________________
(١) « شرائع الإسلام » ج ٢ ، ص ٢٤٩.