فهذا كلام خال عن الدليل ، بل الدليل على خلافه ، لأنّهما بعد سقوط رأيهما عن الاعتبار لعدم إمكان اجتماعهما لا اعتبار برأي كلّ واحد منهما منفردا عن الآخر ولا بفعله ، فيكون حاله حال الأجانب بل هو بمفرده أجنبي عن التركة ، فهو كسائر الناس لا يجوز له التصرّف إلاّ بأمر وإذن من الحاكم ، فبعد عدم إمكان اجتماعهما على رأي لا بدّ من مداخلة الحاكم كي يستبدل بهما ، سواء كان مورد خلافهما من الضروريّات والأمور اللابدّ منها ، أو لم يكن كذلك.
نعم لو لم يوجد الحاكم ـ أي المجتهد العادل ـ أو لم يمكن الوصول إليه ، فعلى عدول المؤمنين بل على فسّاقهم إن لم يوجد العدول أيضا من باب الحسبة. وليس ذلك حينئذ من باب الوصيّة كي يقدّم أحدهما على سائر المؤمنين.
وما ذكرنا من أنّه لا بدّ من مراجعة الحاكم فيما إذا كان عدم إمكان الاجتماع لإصرار كلّ واحد منهما على رأيه وعدم تنزّله عنه.
وأمّا إذا كان لسقوط رأيه وعدم قابليّته للتدخل بموت أو جنون ، فهل للحاكم ضمّ آخر إلى الباقي منهما أم لا؟ الظاهر أنّه ليس له ، لأنّ الحاكم وليّ من لا وليّ له ، وها هنا حيث أنّ لكلّ واحد منهما ولاية على الموصى به ، فبخروج أحدهما عن قابليّة الولاية والوصاية لا يبقى الموصى به بلا ولي كي تصل النوبة إلى الحاكم ، بل ينفرد الولي والوصي الآخر ويتمّ العمل بمقتضى الوصيّة.
ولكن يمكن أن يقال : إنّ الوصاية والولاية التي جعلها الموصي لكلّ واحد منهما كانت مشروطة بانضمام الآخر ، فلو سقط الآخر عن قابليّة الانضمام بواسطة الموت أو الجنون فينتفي حصول الشرط ، فينتفي المشروط بانتفاء الشرط ، فلا يبقى له الولاية والوصاية فتصل النوبة إلى الحاكم.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ اشتراط ولاية كلّ واحد منهما بانضمام الآخر لم يكن مطلقا ، بل كان مقيّدا بالإمكان ، ففيما إذا لم يمكن الانضمام لموت أو لجنون لا اشتراط ، فتكون