ويدلّ على لزوم القبول أيضا التعليل الذي في صحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إذا أوصى الرجل إلى أخيه وهو غائب فليس له أن يردّ عليه وصيّته ، لأنّه لو كان شاهدا فأبى أن يقبلها طلب غيره » (١) فجعل عليهالسلام مناط عدم جواز الردّ ووجوب القبول على الوصي عدم اطّلاع الموصي على الردّ ، فكونه غائبا لا خصوصيّة له ، بل المناط عدم إمكان الوصيّة إلى شخص آخر لعدم اطّلاعه على الردّ لهذا التعليل.
وفي بعض الروايات الأخر الواردة في هذا الباب كرواية فضيل بن يسار (٢) أيضا إيماء بذلك.
نعم هنا كلام وهو أنّه هل صرف بلوغ الردّ يكفي في عدم وجوب القبول على الموصى إليه ، أو يحتاج مضافا إلى بلوغ الردّ إمكان جعل غيره ، بحيث لو لم يمكن جعل غيره وصيّا إمّا لقلّة زمان حياته بعد البلوغ أو لشدّة المرض والآلام أو لغياب سائر من يعتمد عليهم من أقربائه وأصدقائه فلا يفيد البلوغ ، بل يجب عليه القبول وإن بلغ؟
وظاهر التعليل هو الثاني ، لأنّه عليهالسلام جعل البلوغ مقدّمة لإمكان جعل شخص آخر وصيّا ، فالمناط لصحّة الردّ وعدم وجوب القبول في الحقيقة هو الغاية الأخيرة ، لأنّها العلّة واقعا للحكم في باب ترتّب الغايات.
__________________
(١) « الكافي » ج ٧ ، ص ٦ ، باب الرجل يوصى إلى آخر. ، ح ٣ ، « الفقيه » ج ٤ ، ص ١٩٦ ، باب للامتناع من قبول الوصيّة ، ح ٥٤٤٩ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ٢٠٦ ، ح ٨١٦ ، باب قبوله الوصيّة ، ح ٣ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٣٩٨ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٢٣ ، ح ٣.
(٢) « الكافي » ج ٧ ، ص ٦ ، باب الرجل يوصى إلى آخر. ، ح ٢ ، « الفقيه » ج ٤ ، ص ١٩٥ ، باب الامتناع من قبول الوصيّة ، ح ٥٤٤٦ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ٢٠٥ ، ح ٨١٥ ، باب قبول الوصيّة ، ح ٢ ، وص ١٥٩ ، ح ٦٥٤ ، باب في النحل والهبة ، ح ٣١ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٣٩٨ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٢٣ ، ح ٢.