ولكن حيث أنّ حمل الشيخ خلاف ظاهر الصحيحة ، فيقع التعارض بين الصحيحة وبينهما ، ويجب تقديم الصحيحة وترك العمل بهما ، لإعراض المشهور عن العمل بهما.
بل ربما يدّعي الإجماع على ترك العمل بهما ، فيوجب خروجهما عن الحجيّة بل ربما يقال بموافقتهما للتقيّة. وهذا على تقدير صحته وجه آخر وجيه ، لعدم حجيّتهما ولزوم طرحهما.
فما ذهب إليه الشيخ في الاستبصار (١) ، والصدوق في المقنع (٢) على ما حكى عنها مستندا إلى هاتين الروايتين من تقديم قول القابض ـ أي من يدّعي الرهن ـ بأنّ الحلف وظيفته ، وعلى من يدّعي أنّه وديعة ـ أي المالك ـ البيّنة في غاية الضعف.
وقد ظهر ممّا ذكرنا أنّ التفصيل الّذي حكى عن أبي حمزة من أنّ المالك الراهن إن اعترف للقابض بالدين فالقول قول القابض ، وأمّا إن أنكر أصل الدين وقال : إنّي وضعت متاعي عنده أمانة فالقول قول المالك الراهن (٣) ، لأنّ إنكاره لأصل الدين على فرض تسليم أنّه موجب للظنّ بأنّه ليس برهن ، وكذلك إقراره بأصل الدين على فرض أن يكون موجبا للظنّ بأنّه رهن لا وديعة لا يوجب عدم جريان الأصول الشرعيّة كأصالة عدم كونه رهنا.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ إقراره بالدين أمارة شرعا على أنّ ما بيد الدائن من مال المديون رهنا. ولكن هذه دعوى بلا بيّنة ولا برهان ، مضافا إلى أنّ ظهور الصحيحة يردّ هذا الاحتمال.
وكذلك التفضيل الذي نسب إلى ابن الجنيد الإسكافي (٤) من الفرق بين صورتي
__________________
(١) « الاستبصار » ج ٣ ، ص ١٢٣ ، ذيل ح ٣.
(٢) « المقنع » ص ١٢٩.
(٣) « الوسيلة » ص ٢٦٦.
(٤) حكى في « مختلف الشيعة » ج ٥ ، ص ٤٢١.