أقول : الظاهر أنّه ليس من باب التداعي والتحالف ، لأنّه لا حلف على المرتهن في إنكاره ما يدّعيه الراهن ، إذ عقد الرهن جائز من طرف المرتهن ولازم من طرف الراهن ـ كما تقدّم في بعض الفروع المتقدّمة ـ فإنكار المرتهن رهنيّته بمنزلة الفسخ ، فاحتياجه إلى الحلف في نفي آثار الرهن عمّا يدعيه الراهن لا وجه له ، مع حصول هذا الأمر بنفس رفع اليد عن التزامه وتعهّده بكونه رهنا.
وإن شئت قلت : إنّ إنكاره معناه عدم الرضا بكونه رهنا وعدم التزامه بذلك ، فعلى تقدير كونه رهنا واقعا يرجع إنكاره إلى إعدام التزامه وتعهّده بقاء ، وهذا هو عين الفسخ ، والمفروض أنّ العقد جائز من طرفه وله أن يفسخ في أيّ وقت شاء.
وأمّا ما ربما يتوهّم من أعمّية الإنكار من الفسخ ، وبوجود الأعمّ لا يثبت الأخص.
ففيه : أنّه وإن كان الأمر كذلك وثبوت الأعمّ لا يستلزم ثبوت الأخصّ ، ولكن فيما نحن فيه يمكن ادّعاء ملازمة عرفيّة بينهما ، كما إذا أنكر الموكّل وكالة شخص في أمر ، فالعرف يفهم من هذا الإنكار أنّه على تقدير إن كان وكيلا فبالنسبة إلى الزمان الآتي ليس بوكيل ، وهذا الإنكار فسخه من حينه.
هذا ، مضافا إلى الاتّفاق والإجماع من الأصحاب أنّ بإنكار المرتهن رهانة شيء تبطل رهانته. هذا بالنسبة إلى المرتهن.
وأمّا الراهن حيث أنّ العقد لازم بالنسبة إليه فيكون منكرا لما يدّعيه المرتهن ، لأنّ قوله مطابق مع أصالة عدم رهانة ما يدّعي المرتهن رهانته ، فيكون عليه الحلف ، فظهر أنّه ليس من باب التداعي والتحالف.
والذي ذكرنا من أنّ هذا الفرع ليس من باب التداعي والتحالف فيما إذا لم يكن الرهن المتنازع فيه مشروطا ، أمّا لو كان كذلك أي كان الرهن المتنازع فيه شرطا في بيع ـ مثلا لو باع بستانه بألف دينار نسيئة إلى سنة ، وشرط على المشتري أن يرهنه