للموالاة العرفية أم استند إلى حرارة البدن أو الهواء ، فبجفاف الأعضاء المتقدمة يحكم بالبطلان وإن كانت الموالاة العرفية غير زائلة ، لأن المذكور في الموثقة وإن كان هو يبوسة الأعضاء المتقدمة من جهة الفصل الطويل المسبب عن عروض الحاجة له إلاّ أن التعليل الوارد في ذيلها بقوله عليهالسلام « فان الوضوء لا يبعّض » يعم ما إذا حصل الجفاف من جهة حرارة البدن أو الهواء ، لدلالته على أن جفاف الأعضاء السابقة مبعض للوضوء سواء استند إلى ذلك أو إلى ذاك ، هذا.
ولا يخفى أن الكبرى الواردة في ذيل الموثقة وإن كنّا نسلمها ونعترف بأن الوضوء لا يبعض ، إلاّ أن الكلام في أن التبعيض في الوضوء يتحقق بأي شيء ، والظاهر أنه لا بدّ أن يكون التبعيض بأحد أمرين : فإما أن يكون التبعيض بالنظر العرفي وترك الموالاة العرفية ، وإما أن يكون التبعيض بالتعبد الشرعي ، كما إذا حصلت اليبوسة في الأعضاء السابقة من جهة الفصل الطويل كما هو مورد الرواية.
وإذا فرضنا بقاء الموالاة العرفية في مورد فلا محالة يتوقف حصول التبعيض تعبداً بمجرد جفاف الأعضاء السابقة من جهة المرض أو لحرارة الهواء على دلالة الدليل عليه ، والمفروض عدمها ، لأن العلة الواردة في ذيل الموثقة إنما تشتمل على الكبرى فقط ، وقد عرفت أنّا نسلمها ونعترف بمضمونها ، إلاّ أنها غير متكفِّلة لبيان الصغرى والمصداق ، أعني ما به يتحقّق التبعيض في الوضوء ، وموردها خصوص ما إذا استند جفاف الأعضاء السابقة إلى الفصل الطويل لأجل عروض الحاجة له ، ولا تعرض لها إلى الجفاف المستند إلى حرارة البدن أو الهواء ، وقد ذكرنا أن التبعيض إنما يتحقق بأحد أمرين والمفروض أنه لا أثر منهما في المقام ، هذا كله في الموثقة.
وأمّا صحيحة معاوية ، فيتوجّه على الاستدلال بها في المقام أن الحكم الذي تكفلته الصحيحة قضية شخصية في واقعة وهو خطاب لمعاوية ، ولا بدّ في مثلها من الاقتصار على المقدار المتيقن والمعلوم ، وهو مورد الرواية أعني ما اشتمل على قيدين أحدهما : جفاف الأعضاء السابقة. وثانيهما : استناد ذلك إلى التأخير والإبطاء المستندين إلى عروض الحاجة له ، ووجوب الإعادة في مثله مما لا كلام فيه ، وأمّا التعدِّي عنه إلى