الحدائق (١) ساقطة ، لأن كون الكتاب من الأُصول المعتبرة لا يقتضي اعتبار كل رواية من رواياته ، وكيف لا فان كتاب قرب الاسناد لا يزيد في الاعتبار على كتاب الكافي مثلاً ، فإنه مع كونه من الكتب المعتمد عليها عند الأعلام لا يسوغ الاعتماد على كل رواية مندرجة فيه إلاّ بعد ملاحظة سندها وتماميته ، إذن فهذه المناقشة مما لا مدفع له.
وأمّا من جهة الدلالة ، فقد نوقش فيها بأن الرواية قد نهت عن التعمق في الوضوء على ما هو دأب الوسواسين ، كما نهت عن التلطم بالماء ، والنهي عن ذلك يحتمل أمرين :
أحدهما : أن يكون النهي تنزيهياً باعتبار استحباب المسح في غسل الوجه وإيصال الماء إلى تمام أطرافه بإمرار اليد عليه ، فيكون اللطم في مقابله مكروهاً لا محالة.
وثانيهما : أن يكون النهي عن التلطم مستنداً إلى عدم إحراز وصول الماء بذلك إلى تمام الوجه ، ومعناه أنه لا تلطم وجهك بالماء ، لأنه لا يوجب إحراز الغسل الواجب في الوضوء. وعلى هذا الاحتمال يبقى ظهور القيد ، أعني قوله « ... مسحاً » في الاحترازية بحاله ، لأن معناه أن التلطم بالماء غير كافٍ في الوضوء ، بل لا بدّ فيه من غسل الوجه ولو مسحاً حتى يصل الماء إلى تمام أطرافه وأجزائه ، ومعه لا بدّ من الحكم بوجوب المسح.
وهذا لا لأجل أن له موضوعية في صحة الوضوء ، بل من جهة طريقيته إلى ما هو المعتبر من وصول الماء إلى جميع أجزاء الوجه ، فالأمر بالغسل مسحاً أمر وجوبي من دون أن يكون للمسح خصوصية وموضوعية ، وإنّما أُخذ على وجه الطريقية ، فعلى هذا الاحتمال لا ترد المناقشة على الرواية من تلك الجهة. وأما على الاحتمال الأوّل وهو أن يكون النهي تنزيهياً فلا يمكن التحفظ معه على ظهور القيد في الاحترازية ، وذلك لعدم وجوب المسح في غسل الوجه قطعاً ، لضرورة كفاية الغسل بالارتماس أو
__________________
(١) الحدائق ٢ : ٢٣٣.