الكلام تقديما وتأخيرا تقديره ، ولقد همت به ولو لا أن رأى برهان ربّه همّ بها وهذا حسن لكن في تأويله قلق ولا يضطر الى هذا التأويل إلا على قول من قال ان الانبياء معصومون من الكبائر والصغائر.
وأما على قول من قال : ان الصغائر يجوز وقوعها منهم. فلا يضطر الى هذا التقديم والتأخير .. ومنه أيضا قوله تعالى : ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ). وقوله تعالى : ( فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى ) والتقدير فجعله أحوى غثاء. ومنه قول الشاعر :
طاف الخيال وأين منك لماما |
|
فارجع لزورك بالسّلام سلاما |
تقديره طاف الخيال لماما وأين منك .. وقال الفرزدق :
نفلّق ها من لم تنله سيوفنا |
|
بأسيافنا هام الملوك القماقم |
تقديره نفلق بأسيافنا هام الملوك القماقم ، ومن لم تنله سيوفنا ـ وها ـ للتنبيه تقديره تنبهوا لهذا المعنى. وانما دعاه إلى التقديم والتأخير إيقاع اللّبس على السّامع وجعله من باب الألغاز.