السحر ، بل هي من ارساله على أعدائه كعادته وسنته في أمثاله من نصره لعباده المؤمنين مرّة بالقتال كيوم بدر ، ومرّة بالربح كيوم الاحزاب ، ومرة بالرعب كبني النضير ، وأن النصر من عند الله لا من عند غيره ، ولهذا لم ينصرهم حين خالفوا نبيهم يوم أحد وحين أعجبتهم كثرتهم يوم حنين ، وبعد ذلك كانت العاقبة لهم. وقد صرّح سبحانه وتعالى في قوله : ( وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ ) وقوله تعالى : ( إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ ) ولو اقتصر على الآية ولم يذكر فيها ـ والله قوي عزيز ـ لخفي هذا المعنى وغمض والتبس الأمر فيه وأشكل .. وأما المناسبة اللفظية فهي أيضا على قسمين : تامة وغير تامة. فالتامة أن تكون الكلمات مع الإبراز مقفّاة والأخرى ليست بمقفاة فالتقفية غير لازمة للمناسبة ..
فمن المناسبة التي ليست بمقفاة قوله تعالى : ( ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ ) وما سوى هذه التامة كقوله سبحانه وتعالى : ( ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ ) .. ومن التامة في السنّة قول النبي صلّى الله عليه وسلّم ما كان يرقى به الحسن والحسين عليهماالسلام أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامّة ، ومن كل عين لامّة ، فقال صلّى الله عليه وسلّم ـ لامّة ـ ولم يقل ملمة. وقوله صلّى الله عليه وسلّم ـ « مرحبا بالوفد غير خزايا ولا ندامى بحسن المناسبة ». ومثله قوله صلّى الله عليه وسلّم ـ » ارجعن مأزورات غير مأجورات » والمستعمل ـ موزورات ـ لأنه من الوزر غير مهموز فلفظ به صلّى الله عليه وسلّم لمكان المناسبة اللفظية التامة. وأما ما جاء من السنة الغير مقفاة فكقوله صلّى الله عليه وسلّم : « إن أحبكم إليّ وأقربكم منّي مجالس يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا » فناسب صلّى الله عليه وسلّم بين ـ أخلاق وأكناف ـ مناسبة ابراز دون تفقية. ومما جمع بين المناسبتين