وأما الثاني : فالمقابلة مصدر من قابل الشيء الشيء يقابله مقابلة إذا واجهه ، وصار ماثلا أمامه ، وهو من باب المفاعلة كالمضاربة والمقاتلة ، وأصله في الإجرام يقال : قابل الشخص الشخص ، والجبل الجبل إذا واجهه ، وناوحه ، إذا صار موازيا له ماثلا أمامه ، ثم توسع فيه حتى استعمل في المعاني ، ولما وضع المؤلف الكلمة بإزاء الكلمة الأخرى ، والمعنى بإزاء المعنى الآخر حصلت المقابلة من جهة اللفظ تارة ، ومن جهة المعنى أخرى.
وأما الثالث : فأقسامها ثلاثة : مقابلة لفظية. وهي على قسمين ، وقد تقدم. ومقابلة معنوية. وهي على قسمين أيضا. الأول أن يقابل معنى بمعنى مثل : ( إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى ) وجه المقابلة في هذه الآية أن ـ الجوع ـ هو خلوّ الباطن ـ والعري ـ خلوّ الظاهر ـ والظمأ ـ احتراق الباطن ـ والضحى ـ احتراق الظاهر. فقابل الخلو بالخلو ، والاحتراق بالاحتراق. والثاني أن يجيء في السلب كقول الفرزدق :
والثالث المقابلة الفاسدة ، وهو أن يقابل الشيء بما لا يوافقه ، ولا يخالفه كقول الكميت :
لعمري لئن قلّ الحصى في رحالكم |
|
بني نهشل ما لؤمكم بقليل |
وقد رأين بها حورا منعّمة |
|
بيضا تكامل فيها الدّلّ والشنب |
ـ والشنب ـ لا يشاكل الدل. وهذان القسمان ذكرهما الزنجاني في تكملته. والمقابلة قريب من الطباق للمشابهة من بعض الوجوه ، والمخالفة من وجهين نذكرهما بعد هذا القسم.
وأما الرابع : فالفرق بين المقابلة والطباق من وجهين. الأول أن