وقيل المعنى فإن كنتم من التقوى على حد تخشون أن تلوا مال اليتيم خشية عدم الاقساط ، فانكحوا ما طاب لكم من النساء يعني اثنتين أو ثلاثا أو أربعا فإنّ من كان بهذه المثابة من خوف الله والتقوى لا يخشى عليه من الجور والميل ، وعدم العدل بين نسائه بدليل ما عقبه به من قوله : ( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً ) وقد ذكر أئمة التفسير في الجمع غير ذلك اقتصرنا على هذا خشية التطويل. وأما آدم عليهالسلام فقد تقدم في المناسبة انها تارة يقصد فيها مناسبة اللفظ ، والمعنى ، وتارة يراعى فيها مناسبة اللفظ فقط وتارة يراعى فيها مناسبة المعنى ، وهذه الآية منه وهو الذي أريد لأن ـ الجوع ـ خلو الباطن عن الغذاء ـ والتعري ـ خلو الظاهر عن الثياب ـ والظمأ ـ احتراق الباطن بالحرارة ـ والضحى ـ احتراق الظاهر فظهرت المناسبة من حيث المعنى فيها .. وأما آية الصلوات والمحافظة عليها فقد سئل عنها بعض أجلة أهل العلم رضي الله عنهم فقال لما أمر الله تبارك وتعالى بالمحافظة على حقوق الخلق ذكر لهم حقوقه وهو الصلاة ليجمع لهم في التعليم بين مراعاة حقوق الخلق والحق ، ليحصل لهم الكمال ، ثم لما كانت حقوق الآدميين منها ما هو متعلق بالحياة ، وقد ذكر ذلك قبلها ناسب أن يذكر الحقوق المتعلقة بالممات بعدها.
وقد ذكر أهل التفسير رضي الله عنهم فيها أجوبة كثيرة اقتصرنا على هذا منها. وقد وقع في اشعار العرب الأقدمين والمتقدمين من الإسلاميين والمتأخرين من هذا النوع كثير. من ذلك قول امرئ القيس :
كأني لم أركب جوادا للذة |
|
ولم اتبطّن كاعبا ذات خلخال |
ولم أسبأ الزق الرّويّ ولم أقل |
|
لخيلي كرّي كرّة بعد إجفال |
ـ قال بعض النقاد إن هذا فاسد لأنه جعل التغزل مجاورا للشجاعة في البيتين والأجود أن يجاور الشجاعة بالشجاعة ، والغزل بالغزل فيقول :
كأني لم أركب جوادا ولم أقل |
|
لخيلي كرّي كرّة بعد اجفال |