التأفيف اعم ، بل لأن المقصود من منع التأفيف هو الإكرام ، وعدم الإهانة ، والإهانة بالضرب أكثر من الإهانة بالتأفيف.
الثاني كقوله تعالى : ( وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ ) ولم يقل طولها لأن العرض أنقص إذ كلما له عرض فله طول ولا ينعكس. ومما يتعلق بهذا انه إذا كان الشيء يشبه أشياء بعضها أتم في التشبيه ، أو أوفق من بعض فالأولى والأهم الاقتصار على ما هو أتم وأوفق ، فإن ذكر الكل فالأولى الابتداء بالأدنى ، والأضعف ليكون انتقال الذهن إلى الأعلى بتدريج ، ولأن التشبيه بالأعلى ألذّ ، والانتقال من لذّة إلى ما هو دونها غير ملذّ ولا مستحسن فلذلك قال الأشتر النخعي :
حمى الحديد عليهم فكأنه |
|
لمعان برق أو شعاع شموس |
وإذا كان للشيء صفة يغني ذكرها عن ذكر صفة أخرى ، أو يدل عليها كان الاقتصار عليها أولى من ذكرهما ، لأن ذكرهما كالتكرار وهو ممل ، وإذا ذكر فالأولى تقديم المدلول عليها وتأخير الدالة حتى لا تكون الآخرة قد تقدمت الدلالة عليها ، وقد يخل بذلك لمقصود آخر كما في قوله تعالى : ( وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا ) فإنه أخر نبيا لأجل السجع. وإذا كان ثبوت شيء أو نفيه يدل على ثبوت آخر أو نفيه ، كان الأولى الاقتصار على الدال على الآخر ، فإن ذكرا فالأولى تأخير الدال ، وقد يخل بذلك لمقصود كما في قوله تعالى : ( ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصاها ) وعلى قياس ما قلنا ينبغي أن يقتصر على صغيرة ، وإن ذكرت الكبيرة فلتذكر أولا. ومثله قوله تعالى : ( فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما ) وعلى ذلك القياس يكتفي بقوله ـ ولا تقل لهما أف ـ وان ذكرا فيقول ـ ولا تنهرهما ولا تقل لهما أفّ ـ .. وإذا تكررت الصفات فإن كان للمدح فالأولى الانتقال من الأدنى إلى الأعلى ليكون المديح مزيدا لتزايد الكلام ، وإن كان للذم فقد قالوا ينبغي الابتداء بالأشد ذما ، وهو مشكل.