هذا جاء غيره من الأصول كقولنا هشمتك هاشم وحاربك محارب ، وسالمك سالم وأصاب الأرض صيّب لأن الصيب هو المطر الذي يشتد صوته ووقعه على الأرض. وأمثال ذلك كثير .. ولهذا الضرب من الكلام رونق لا يخفى على العارف بهذه الصناعة .. فمما جاء منه قول بعضهم :
أمحلّتي سلمى بكاظمة أسلما
ـ وكذلك قول الآخر وهو جرير بن عطية :
وما زال معقولا عقال عن الندا |
|
وما زال محبوسا عن الخير حابس |
ـ وقال غيره :
إنّ قومي لهم جداد الجديد
وشكي إلى بعض الخلفاء جور عامل له وسئل أن يكتب إليه كتابا فقال ما ترك فضة إلاّ فضها ولا ذهبا إلاّ أذهبه ، ولا غنيمة إلاّ غنمها ، ولا مالا الاّ مال عليه فأي شيء بعد يكتب اليه. وأمثال هذا كثير فاعرفها .. قال ابن الأثير ، وأما الاشتقاق الكبير فهو أن تأخذ أصلا من الأصول فتعقد عليه وعلى تراكيبه معنى واحدا يجمع تلك التراكيب ، وما تصرّف منها ، وإن تباعد شيء من ذلك ردّ بلفظ الصيغة والتأويل اليها كما يفعل الاشتقاقيون. ولنضرب لذلك مثلا فنقول ان لفظة ق ر م من الثلاثي لها ستة تراكيب وهي قرم. قمر. رمق. رقم. مقر. مرق. فهذه التراكيب الستة يجمعها معنى واحد وهو القوة والشدة ـ والقرم ـ شدة شهوة اللحم ـ وقمر ـ الرجل إذا غلب من يقامره ـ والرقم ـ الداهية وهي الشدة التي تلحق الانسان من أمره وعيش ـ مرمق ـ أي ضيق وذلك نوع من الشدة أيضا ـ والمقر ـ شبه الصبر يقال أمقر الشيء إذا أمرّ وفي ذلك شدة على الذائق وكراهة ـ ومرق ـ السهم إذا نفذ من الرمية ، وذلك لشدة مضائه وقوته .. واعلم أنه إذا سقط من تركيب الكلمة شيء فجائز ذلك في