استعماله وهو ما كان بينه وبين ما استعير له تشابه وتناسب ، ولنضرب له أمثلة يستدل بها عليه. فمن ذلك قوله تعالى : ( وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ ) وهذا الوصف إنما هو على ما يظهر للعين لا على حقيقة المعنى لأن الليل والنهار اسمان يقعان على هذا الجوّ عند إظلامه وإضاءته بغروب الشمس وطلوعها وليسا على الحقيقة شيئين ينسلخ أحدهما من الآخر إلا أنهما في رأي العين كأنهما كذلك ـ والسلخ ـ يكون في الشيء الملتحم بعضه ببعض فلما كانت هوادى الصبح عند طلوعه كالملتحمة باعجاز الليل أجرى عليهما اسم السلخ ، وكان ذلك لائقا في بابه ، وهو أولى من قوله يخرج ، لأنّ السلخ أدل على الالتحام المتوهم من الاخراج. الثاني ما لا يجب استعماله وسيأتي بيانه ..
وقال قوم الاستعارة على سبعة أقسام : الأول : الاستعارة للمناسبة وهي على أربعة أقسام كما تقدم. الثاني : الاستعارة التخييلية وقد تقدم بيانها.
الثالث : الاستعارة المجردة. الرابع : الاستعارة المرشحة. الخامس :الاستعارة البديعة. السادس : الاستعارة القبيحة. السابع : الاستعارة في الكناية ، وقد بينا متقدما بعضها وسنبين الباقي إن شاء الله تعالى.
الوجه الرابع : من التقسيم الأول في اشتقاقها وهي مشتقة من العارية التي حقيقتها في الإجرام ، ولهذا قال ابن الأثير الاستعارة هي أن تريد تشبيه الشيء بالشيء فتدع الإفصاح بالتشبيه واظهاره ، وتجيء على اسم المشبه به ، فتعبر به عن اسم المشبه تجريه عليه كقولك : رأيت رجلا هو كالأسد في شجاعته ، وقوة بطشه سواء فتدع ذلك وتقول ـ رأيت أسدا ـ والسين التي في الاستعارة ليست سين الالتماس والطلب ، التي هي في قولهم استعان اذا طلب المعونة واستجار اذا طلب الجيرة ، وإنما هي كالتي في قوله تعالى ( فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ ). وكقول الشاعر :
فلم يستجبه عند ذاك مجيب