الوجه الخامس : فيما تصح منه الاستعارة وفيما لا تصح .. قال الامام فخر الدين وجماعة من المحققين : إن الأسماء على ثلاثة أقسام : أسماء أعلام ، وأسماء مشتقة ، وأسماء أجناس .. فأما الأسماء الأعلام فلا استعارة فيها لأن المشابهة بين الأصل والفرع معتبرة في الاستعارة ، وهي غير معتبرة في الأعلام .. وأما الأسماء المشتقة فالاستعارة أيضا لا تدخلها دخولا أوليا ، وهل تتحقق في الفعل أم لا؟ فنقول : الفعل شأنه الدلالة على ثبوت المصدر لشيء في زمان معين فالاستعارة تقع أولا في المصدر بواسطة ذلك في الفعل ، فإذا قلت نطقت الحال ، وهذا إنما يصح لأن الحال مشابهة النطق في الدلالة على الشيء فلا جرم استعير النطق لتلك الحالة ، فالاستعارة أولا واقعة على المصدر بواسطته في الفعل ، فإذا الاستعارة في الحقيقة ليست إلاّ في المصدر ، فإذا عرفت ذلك تبين لك أنّ الأسماء المشتقة أيضا كذلك فإن الإسم المشتق هو الذي يدل على ثبوت المشتق منه ، لشيء مع عدم الدلالة على زمان ذلك الثبوت ، فظهر منه أن الاستعارة إنما تقع وقوعا أوليا في أسماء الاجناس ..
وتلخيص هذا الكلام أن المعنى يستعار أولا بواسطة استعارة اللفظ ، وأن الاستعارة تقع في المصدر ثم بواسطة في الفعل ، واستعارة الفعل أما من جهة فاعله كقولك نطقت الحال بكذا ولعبت به الهموم ، وأما من جهة مفعوله كقول ابن المعتز :
جمع الحقّ لنا في إمام |
|
قتل الجوع وأحيا السماح |
أو من جهة مفعوليه كقول القطامي :
نقريهم لهذميّات نقدّ بها |
|
ما كان خاط عليها كلّ زرّاد |
أو لكليهما كقول الحريري :
وأقرئ المسامع إما نطقت |
|
بيانا يقود الحرون الشّموسا |
أو من جهة الفاعل والمفعول. كقوله تعالى : ( يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ