للشمس حركة متصلة دائمة ولنورها بسبب ذلك تموج واضطراب ولا يتحصل هذا الشبه إلا بأن تكون المرآة في يد الاشل لأن حركته تدوم وتتصل ، ويكون لها سرعة وبدوام الحركة يتموج نور المرآة وتلك حال الشمس لأنك ترى شعاعها كانه يهم أن ينبسط حتى يفيض من جوانبها ، ثم يبدو له فيرجع من الانبساط الذي تراه إلى الانقباض كأنه يجمعه من جوانب الدائرة ابن سناء الملك في أبيات هجا فيها الشمس قال فيها :
لا كانت الشمس فكم أصدأت |
|
صفحة خدّ كالحسام الصّقيل |
وكم وكم صدّت بوادي الكرى |
|
طيف خيال زارني من خليل |
تكذب في الوعد وبرهانه |
|
أن سراب القفر منها سليل |
وتحسب النهر حساما فترتا |
|
ع وتحكي فيه قلب الذليل |
ومما يشبه التشبيه الاول وان صور في عين المرآة قول المهلب بن ابي صفرة الوزير :
الشمس من مشرقها قد بدت |
|
مشرقة ليس لها حاجب |
كأنها بوتقة أحميت |
|
يجول فيها ذهب ذائب |
وذلك أن الذهب الذائب يتشكل بشكل البوتقة على النار فإنه يتحرك فيها كل حركة على الحد الذي وصفت لك ، وما في طبع الذهب من النعومة وفي أجزائه من شدة الاتصال والتلاحم بمنعه أن يقع فيها غليان كما في الماء فيرتفع وسطه ارتفاعا شديدا وجملته كأنها تتحرك بحركة واحدة ويكون فيها ما ذكرناه من الانبساط الى الجوانب ثم انقباض ومنها قوله :
كأن في غدرانها حواجبا
أراد ما يبدو في صفحة الماء من أشكال كأنصاف دوائر صغار ، ثم إنك تراها تمتد امتدادا ينقص من انحنائها وتحدّ بها وكأنها تنتقل من التقوس إلى الاستواء ، وذلك