أشبه شيء بالحواجب اذا بدت. والثاني ما يكون التشبيه في هيئة الحركة فقط مجردة من كل وصف يقاربها وهناك أيضا لا بد من أخلاط كثيرة في جهات متفرقة مختلفة وكلما كان التقارب أكثر كان التركيب في الهيئة المتحركة أكثر. وقد يقع التشبيه أيضا بالسكون كقول الاخطل في وصف مصلوب :
كأنه عاشق قد مدّ صفحته |
|
يوم الوداع الى توديع مرتحل |
أو نائم من نعاس فيه لوثته |
|
مواصل لتمطيه من الكسل |
فلطفه بسبب ما فيه من التفصيل ، ولو قال كأنه ممتط من نعاس واقتصر عليه كان قريب التناول. وقد وقع في القرآن العظيم آيات كثيرة شبه فيها الحركات بالحركات والسكون بالسكون. فمن ذلك قوله تعالى : ( وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ ). وقوله : ( يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ ). وقوله تعالى ( يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ) شبه سرعة سير الجبال مع سرعة سكون بسرعة سير السحاب مع سكون أيضا وشبه سرعة وميض البرق بسرعة يد المختطف وشبه حركة التفاف جرم السماء بحركة التفاف جرم الكتاب بعضه على بعض وكذلك السكون. ومنه قوله تعالى ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً ) ـ والرهو ـ الساكن شبه ذهاب حركة البحر بذهاب حركة الخيل عند سكونها ، تقول العرب جاءت الخيل رهوا أي ساكنة فشبه البحر بها وذلك أنه قام فرقاه ساكنين فقال لموسى عليه الصلاة والسلام دع البحر ساكنا قائما ماؤه كما أخبر الله سبحانه وتعالى : ( فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ).
وأما الثاني عشر : فهو الفرق بين الاستعارة والتشبيه. ذهب جماعة من أهل هذا الشأن إلى ان التشبيه والاستعارة شيئان وفرق الحذاق ، وقالوا إن التشبيه حكم إضافي لا بد فيه من ذكر مشبه ومشبه به ، فإنك اذا قلت ـ رأيت أسدا ـ فهو استعارة لم تذكر شيئا حتى تشبهه بالأسد ، ولو كان تشبيها لتعيّن أن تقول زيد أسد أو زيد كالأسد ولم يكن غرضك في قولك زيد أسد إلا المبالغة