مبحث الاجتماع من الأصول فإنّه قد فرغ منه سنة ١٣٤٨ ، وكانت دروس هذه المسألة أعني مسألة الاجتماع في ربيع الثاني سنة ١٣٤٧.
ومن جميع ذلك يظهر لك أنّه ليس الموجب لعدم تحقّق التقرّب أو عدم إمكانه هو وحدة الارادة أو تعدّدها ، بل ولا كون متعلّق إرادة المأمور به هو الطبيعة أو الفرد ، بل إنّ المانع الحقيقي هو كون تلك الطبيعة المأتي بها في هذا المكان أو في هذا الزمان أو مع ذلك الفعل الآخر المقارن أو غير ذلك غير صالحة لأن تكون مقرّبة ، فلا يمكن أن يريدها المكلّف قربة إليه تعالى ، بمعنى أنّ إرادتها لا تكون مقرّبة لأجل ما يقارنها من الخصوصيات المبغوضة ، ويكفي في ذلك علمه بترتّب تلك الخصوصية ، سواء كان ترتّبها بإرادة منه أو كان وقوع الطبيعة في ذلك الحال موجبا لترتّبه عليها ، كما ذكرناه من مثال حركة المغصوب المحمول بحركات الصلاة أو صلاته مع كون المصحف خلفه.
ولا يخفى أنّي راجعت بعد هذا ما حرّره عنه السيّد جمال الدين سلّمه الله والمرحوم الشيخ موسى في الأصول فوجدت التعليل مقصورا على القبح الفاعلي ، نعم عبّر السيّد جمال الدين بقوله : القبح الفاعلي الصدوري لا الفعلي. ولعلّ المراد من القبح الفاعلي هو ما شرحناه وشرحه قدسسره في درس الفقه من عدم إمكان تحقّق التقرّب الخ. وهذا هو أساس المنع لاكون إرادة المكلّف لا تتعلّق إلاّ بالأفراد أو أنّ له إرادتين أو إرادة واحدة ، فتأمّل.
لا يقال : على ما ذكرتموه ينبغي أن تقولوا ببطلان صلاة من تعمّد ترك الازالة لأنّها مقرونة بالمبغوض الذي هو ترك الازالة. لأنّا نقول : إنّ ترك الازالة ليس بمبغوض وإلاّ لكان ترك الواجب محرّما ، وقد حقّق في محلّه (١) أنّ ترك
__________________
(١) راجع حاشية المصنّف قدسسره المتقدّمة في الصفحة : ٤٥٢ وما بعدها من المجلّد الثالث من هذا الكتاب.