إنّه لا عبرة بالنظر العرفي بعد ما كان تصرّفه بحسب الدقة لا يزيد ولا ينقص (١).
وهذا الذي حرّره المرحوم الشيخ محمّد علي عنه قدسسره لم أجده لغيره في من حرّر عنه قدسسره ، ولعلّه أخذه من درس الفقه في كتاب الصلاة ، فإنّه قدسسره (٢) بنى هناك على مقتضى هذه الدقّة كما يومي إليه ما حرّرته عنه قدسسره.
والذي حرّرته عنه قدسسره في هذا المقام هذا لفظه : وما يقال إنّ من اضطرّ إلى الكون في المكان المغصوب فقد اضطرّ إلى اشغال الحيّز المغصوب بمقدار جسمه بأي كيفية كان وبأي نحو أراد ، فلا يكون قيامه بعد جلوسه مثلا أو بالعكس تصرّفا زائدا ، وإن كان في الدقّة العقلية كذلك ( أعني أنّه لا يكون تصرّفا زائدا ) كما ذكرناه في درس الفقه. إلاّ أنّ الانصاف أنّ ذلك يعدّ عرفا تصرّفا زائدا ، والمدار في أمثال هذه الأمور على العرف لا على الدقّة العقلية ، انتهى.
قلت : لا يخفى أنّ اللازم لعدّ الحركات المذكورة تصرّفا زائدا أن يكون المضطرّ كالمحبوس في المكان المغصوب يلزمه أن يبقى على الحالة التي وجد عليها في ذلك المكان ، ولا يغيّر شيئا من حالته الوضعية الأوّلية ، وحينئذ يكون حقّ التعبير أن يقال إنّه يصلّي على تلك الحالة ايماء ، بل يترك حتّى الايماء ، بل حتّى حركة الشفة لكون ذلك كلّه حركة زائدة ممنوعا عنها.
ولعلّ غرض من عبّر بقوله بشرط أن لا تكون الصلاة مستلزمة للتصرّف الزائد ، هو أنّه لو فرض أنّه كان في مكان قائما وكان النصف الأعلى مثلا من الفضاء مباحا بمقدار نصف قامته فإنّه يصلّي قائما ، وليس له الركوع والسجود والجلوس ، لأنّ كلّ واحد من هذه الأمور مستلزم للتصرّف الزائد على الغصب
__________________
(١) فوائد الأصول ١ ـ ٢ : ٤٤٦.
(٢) كتاب الصلاة ( للآملي قدسسره ) ١ : ٣٢٨.