على المحبوس الصلاة على الكيفية التي كان عليها أوّل الدخول إلى المكان المحبوس فيه ، إن قائما فقائم وإن جالسا فجالس ، بل لا يجوز له الانتقال إلى حالة أخرى في غير الصلاة أيضا ، لما فيه من الحركة التي هي تصرّف في مال الغير بغير إذنه ، ولم يتفطّن أنّ البقاء على الكون الأوّل تصرّف لا دليل على ترجيحه على ذلك التصرّف ، كما أنّه لم يتفطّن أنّه عامل هذا المظلوم المحبوس قهرا بأشدّ ما عامله الظالم ، بل حبسه حبسا ما حبسه أحد لأحد ، اللهمّ إلاّ أن يكون في يوم القيامة مثله ، خصوصا وقد صرّح بعض هؤلاء أنّه ليس له حركة أجفان عيونه زائدا على ما يحتاج إليه ، ولا حركة يده أو بعض أعضائه كذلك ، انتهى (١).
ولا يخفى أنّ من يقول بذلك إنّما يقول به من جهة كون التغيير تصرّفا زائدا ، فلا يرد عليهم أنّ البقاء على الكون الأوّل تصرّف لا دليل على ترجيحه ، نعم يرد عليهم أنّ التغيير ليس بتصرّف زائد. وأمّا ما أفاده بقوله : كما أنّه لم يتفطّن أنّه عامل هذا المظلوم الخ فهو وإن كان كذلك إلاّ أنّه بعد فرض كونه تصرّفا زائدا لا مفرّ عن الالتزام بذلك الحبس الشديد ، ولا يرفعه الصعوبة ، نعم لو اضطرّ إلى تغيير الهيئة جاز له التغيير بمقدار ما يرفع اضطراره.
نعم ، إنّ الحركة لو كانت تصرّفا زائدا كان ممنوعا من حركة جفنه ، بل ممنوعا من حركة شفته ولسانه وإن كان محتاجا إلى ذلك ، لأنّ مجرّد الحاجة لا يكون مسوغا للغصب ، فما نقله عن بعضهم من اختصاص الحرمة بما يزيد على الحاجة لا وجه له بناء على أنّ كلّ حركة تكون تصرّفا زائدا.
قال في كشف الغطاء : ولو اختصّ الغصب بالفضاء الأعلى جلس ، فإن لم يسع اضطجع ، ولو اختصّ المباح بمقدار موضع القدمين وفراغ القامة وجب
__________________
(١) جواهر الكلام ٨ : ٣٠٠.