ترك الحرام ليس بواجب كما أنّ ترك الواجب ليس بحرام ، وإلاّ لنقصت الأحكام عن الخمسة أو لترامت ولزم التسلسل ، وهكذا في الأحكام العقلية فإنّ ترك القبيح لا يكون حسنا كما أنّ ترك الحسن لا يكون قبيحا.
نعم ، إنّ العقل بعد أن حكم بلزوم الاطاعة في النواهي كالأوامر كان حاكما في المقام بلزوم ترك هذا التصرّف من باب الاطاعة ، فليس في البين واجب شرعي يتوقّف حصوله على تلك الحركة الخروجية أو أنّه يكون عين تلك الحركة الخروجية ، وليس وجوب الخروج في ذلك إلاّ كوجوب نزع لباس الحرير أو الذهب في أنّه مجرّد تغيير عبارة عن حرمة بقاء اللبس ، وهذه الحركة الخروجية ليست إلاّ عبارة عن بقاء ذلك التصرّف المحرّم ، غايته أنّ الخطاب بترك تلك الحركة الخروجية يكون ساقطا مع بقائها على ما هي عليه من المبغوضية واستحقاق العقاب عليها.
ثمّ إنّ هذه الحركة الخروجية لو كانت واجبة لانطباق عنوان التخلّص عليها أو عنوان الردّ أو كونها مقدّمة له ولم تكن مبغوضة بالذات لكونها عصيانا للنهي ، لكان اللازم هو عدم الاحتياج فيها إلى الاستئذان من المالك لو كان ذلك ممكنا ، ولا أظنّ أنّ أحدا يقول إنّه لا يجب عليه الاستئذان لو كان قد أمكنه ذلك فتأمّل ، لامكان القول بأنّ الاستئذان لو أمكن فهو تسليم فعلي مقدّم على الخروج.
وأمّا لزوم ردّ المال إلى صاحبه فهو لا يجري في كثير من الداخلين ، كمن دخل لزيارة صديقه الغاصب الموجود في الدار مع فرض أنّ دخوله لا يكون محرّما إلاّ من باب التصرّف في المغصوب ، لا من باب أنّه يكون ذا يد على الدار على وجه يجب عليه ردّ تلك الدار إلى مالكها بواسطة خروجه منها.