الدار ملازم لترك الحرام الذي هو الكون في داخلها ، فليس ترك الحرام مسبّبا حقيقة عن الخروج ) نعم يكون ( ترك الحرام ) مسبّبا عنه ( أي عن الخروج ) مسامحة وعرضا ( لكونه ملازما لمسبّبه الحقيقي الذي هو الكون خارج الدار ) وقد انقدح بذلك أنّه لا دليل في البين إلاّ على حرمة الغصب ( ولكن لا يخفى أنّه لم ينقدح من ذلك إلاّ عدم كون الخروج مقدّمة لترك الحرام ، وإنّما هو مقدّمة لملازمه الذي هو الكون خارج الدار. فالذي ينبغي حينئذ هو ابدال هذه العبارة بقوله : وقد حقّق في محلّه أنّ ترك الحرام ليس بواجب ، فلا يكون ترك الغصب واجبا ، إذ لا دليل إلاّ على حرمة الغصب وأنّ كلا من البقاء والخروج غصب ، وحينئذ يكون حرمة كلّ منهما مع الانحصار بسوء الاختيار فيهما ) المقتضي لاستقلال العقل بلزوم الخروج من باب أنّه أقلّ المحذورين وأنّه لا دليل على وجوبه بعنوان آخر ( ككونه بنفسه تركا للحرام أو كونه مقدّمة لترك الحرام ) فحينئذ يجب اعماله أيضا ( أي لو دلّ الدليل على وجوب الخروج لقلنا بأنّه يجب اعمال الوجوب والحكم بأنّه واجب ) بناء على القول بجواز الاجتماع كاعمال النهي عن الغصب ليكون الخروج ( حينئذ ) مأمورا به ومنهيا عنه (١).
لا يقال : إنّه لو كان في مكان وعلم أنّه لو بقي في ذلك المكان لابتلي بالمحرّم كسماع الغيبة مثلا ، فإنّه يجب عليه الخروج من ذلك المكان لئلاّ يقع في ذلك المحرّم ، وحينئذ نقول إنّه لو توقّف امتثال النهي عن شيء على فعل وجودي كان ذلك الفعل الوجودي واجبا ، وليس ذلك مبنيا على أنّ ترك الحرام واجب ، بل على أنّ امتثال التكليف سواء كان هو الوجوب أو كان هو النهي والحرمة لو توقّف
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٧٣ ( الهامش ).