على فعل وجودي مقدور كان ذلك الفعل واجبا غيريا من باب المقدّمة لامتثال ذلك التكليف ، وما نحن فيه من هذا القبيل ، لأنّ امتثال النهي المتوجّه إلى الكون البقائي متوقّف على الخروج فيكون الخروج واجبا.
لأنّا نقول : لا دليل على وجوب الخروج عن المكان الذي يبتلي فيه باستماع الغيبة ، ولا معنى للوجوب الترشّحي من ناحية الحرمة ، فإنّ الحرمة إنّما يترشّح منها التحريم ، كما أنّ الوجوب النفسي لا يترشّح منه الحرمة وإنّما يترشّح منه الوجوب ، وحينئذ فأقصى ما يكون في البين هو أن يكون بقاؤه في ذلك المكان محرّما ، لكون بقائه فيه موقعا له في الحرام ، وإنّما يلزمه الخروج لا من باب أنّه واجب ولو غيريا ، بل من باب أنّ تركه واستمرار البقاء موجب لوقوعه في المحرّم.
وحينئذ ففيما نحن فيه نقول : إنّ تركه الخروج من الدار المغصوبة يكون حراما لكونه مؤدّيا إلى البقاء ، بل هو بعينه البقاء الذي هو الحرام ، فلا يرد أنّه كيف يكون ترك الخروج من الدار المغصوبة حراما مع فرض كون الخروج المذكور بنفسه حراما ، لنحتاج إلى الجواب عن ذلك بأنّ المصحّح له هو سوء الاختيار غايته أنّه يسقط الخطاب بكلّ من الحرمتين ، إذ لا حاجة إلى ذلك بعد فرض كون ترك الخروج هو بعينه البقاء الذي هو المحرّم ، لا شيء آخر مؤدّ إلى المحرّم ، نعم يتّجه الإشكال فيه من ناحية أخرى ، وهي أنّه كيف يكون الخروج حراما مع كون البقاء حراما ، وحينئذ يجاب عنه بأنّ ذلك من جهة سوء الاختيار الذي لا يوجب إلاّ سقوط الخطاب.
نعم ، لو قلنا فيما تقدّم من المثال إنّه يجب الخروج عن المكان الذي يبتلي