فنقول : إنّ الدخول وإن ترتّب عليه الاضطرار إلى ذلك المقدار من التصرّف الغصبي أعني التصرّف الخروجي ، إلاّ أنّه ليس مطلق التصرّف في المغصوب محرّما ، بل إنّه إذا كان بعنوان التخلّص وردّ المغصوب لم يكن محرّما ، بل يكون واجبا بحكم العقل ، وإن كان الضمان باقيا ، إذ لا ملازمة بين بقاء الضمان وبقاء التحريم ، حيث إنّ الموجب لانقطاع الضمان إنّما هو التأدية المأخوذة غاية للضمان في ضمان اليد ، فما لم تحصل التأدية لا ينقطع الضمان وإن انقطع التحريم بواسطة الانقلاب إلى ما يحكم العقل بحسنه ولزومه.
ثمّ إنّ هذا الانقلاب ليس من قبيل الانقلاب الموضوعي كالحاضر والمسافر والحائض والطاهر ، بحيث إنّه يسوغ للشخص أن يجعل نفسه مسافرا بعد أن كان حاضرا ، أو أنّ المرأة تشرب ما يوجب حيضها بعد أن كانت طاهرا ، فإنّ ذلك مباح لا ريب فيه ، بل في المقام شيء آخر غير مجرّد تبديل الموضوع ، وهو أنّه بعد أن علمنا أنّ الشارع المقدّس يمنع من شرب الخمر مثلا كان كلّ ما أوقع فيه ممنوعا منه عنده. وهكذا الحال في التصرّف الغصبي ، فإنّه لمّا منع عنه الشارع كان كلّ ما يوجب الوقوع فيه ممنوعا منه عنده (١).
__________________
(١) وهذه الجمل موجودة في عبارة المرحوم الشيخ محمّد علي [ فوائد الأصول ١ ـ ٢ : ٤٥١ ـ ٤٥٢ ]. ولا بدّ أن يكون المراد هو أنّ كلّ ما يوقع في شرب الخمر يكون حراما ولو كان ذلك الشرب الذي وقع فيه واجبا. وهكذا الحال في حرمة كلّ ما يوقع في الغصب فإنّها شاملة لما إذا كان الغصب الذي وقع فيه واجبا ، لكونه مصداق التخلّص. والمراد من علمنا بأنّ الشارع يمنع من شرب الخمر هو العلم بذلك على نحو الاجمال ، فلا يلزمه كون شربه للتداوي حراما.
ولأجل امكان إصلاح هذه العبارة بهذه الجهة قلنا إنّها أخف العبارات إشكالا ، ولكن