قال قدسسره : وأقصى ما يمكن أن يستدلّ به للأوّل ( يعني عدم حصول الطهارة ) الأصل ، وعدم شمول ما دلّ على الاستنجاء لما نهى الشارع عنه ، ولا أقل من إفادته الإذن التي لا تشمل المنهي عنه ، إلى أن قال : وأقصى ما يمكن أن يستدلّ به للثاني ( يعني حصول الطهارة ) تناول الاطلاقات والعمومات ، والنهي لا يقتضي الفساد في مثل المقام ، لكونه من قبيل المعاملات. ودعوى عدم تناولها له لاستفادة الإذن منها فلا تشمل المنهي عنه يدفعها أنّ الحكم الوضعي المستفاد منها شامل للجميع. على أنّ الاستفادة ليس من المدلول في شيء ، وعلى تقديره فلا دلالة فيها على شرطية الإذن بالنسبة للطهارة. ولعلّ الأقوى التفصيل بين ما نهي عن الاستنجاء به كالعظم والروث ، فإنّا وإن لم نقل باقتضاء الفساد في مثله عقلا ، لكن نقول باستفادته عرفا كما لا يخفى ، إذ هو كالنهي عن نفس المعاملة ونحوه ممّا يستفاد من ( منه ظ ) عدم ترتّب الأثر عليه ، بل قوله : « لا يصلح » (١) ظاهر في عدم ترتّب الأثر الشرعي عليه ، وبين ما لم ينه عن الاستنجاء به ، بل جاءت حرمة الاستنجاء به لأمر خارج مثل المحترمات ، فإنّه لا نهي عن الاستنجاء بها ، لكنّه يحصل الحرمة من جهة منافاته للاحترام المأمور به ، فحالها كحال الحجر المغصوب ونحوه (٢) ، انتهى ما أردنا نقله.
ولعلّ نظر شيخنا قدسسره (٣) في التفصيل في الإشكال بين المحترمات وبين الروث والعظم إلى هذه الجهة التي أفادها في الجواهر من الفرق بين النوعين.
وكيف كان ، فإنّ الغرض من نقل هذه العبارة بطولها بيان مطلبين :
__________________
(١) وسائل الشيعة ١ : ٣٥٧ / أبواب أحكام الخلوة ب ٣٥ ح ١.
(٢) جواهر الكلام ٢ : ٥٤ ـ ٥٥.
(٣) المتقدّم في ص ٢١٧.