الجنسين العرضيين ، فإن لم يكن له إلاّ فصل واحد كان ذلك مستلزما لتركّبه من جنسين عرضيين وفصل واحد وهو محال ، حيث إنّ كلّ جنس للماهية لا بدّ أن يكون له فصل ، وإن كان له فصلان كان عبارة عن نوعين كلّ منهما في عرض الآخر ، وقد عرفت التباين الكلّي بين النوعين العرضيين ، فكيف يعقل أن يكون الشيء الواحد عبارة عن نوعين عرضيين.
وفي تحريرات بعض أجلّة تلاميذه (١) ما هذا لفظه : وأمّا بين الجوهرين فلا يعقل لأنّهما ينحصران بالنوعين كالإنسان والبقر ، أو بالجنس والفصل كالحيوان والناطق. ففي الأوّل لا يمكن الاجتماع لأنّهما متعاندان في الوجود ، كما أنّ في الثاني لا يمكن الافتراق من طرف الفصل لأنّه لا ينفك عن الجنس ، ففرض مادتي الافتراق لنوعين من الطرفين لا يمكن في الثاني كما أنّه لا يمكن مادّة الاجتماع في الأوّل ، للتباين الكلّي بين النوعين كما لا يخفى ، انتهى.
ولا يخفى أنّ هذا ليس ببرهان عقلي بل هو استدلال بالاستقراء ، وكان عليه أن يذكر الجنسين أو الجنس والنوع ، ويدفعه بأنّه لا بدّ أن يكون أحدهما أعمّ مطلقا من الآخر ، فهما نظير الجنس والفصل لا يمكن الافتراق في ناحية الأخصّ منهما ، وحينئذ لا بدّ أن يكونا من قبيل الجنسين العرضيين ، وقد دلّ الاستقراء على ترتّب الأجناس من سافل إلى عال ومن خاصّ إلى أعمّ منه وأنّ الجنسين العرضيين لا وجود لهما ، وحينئذ نحتاج إلى إقامة البرهان على امتناعه ، وهو ما ذكرناه واحتملنا كون البرهان المذكور في هذا التحرير وفي تحرير المرحوم الشيخ محمّد علي راجعا إليه ، فتأمّل.
__________________
(١) هو جناب السيّد جمال الدين سلّمه الله تعالى [ منه قدسسره ].