التنزيل المذكور مع فرض أنّ الشارع لم يسقط وجوب ذلك الجزء ، كان مرجعه إلى جعل هذا الفاقد منطبقا تنزيلا وتعبّدا مع ذلك الواجد ، وحينئذ يكون نفس الصحّة التي هي المطابقة لما هو الواقع المأمور به مجعولة من جانب الشارع ، لا أنّ المجعول هو شيء آخر والصحّة بمعنى المطابقة منتزعة عنه ، إذ ليس في البين شيء قابل للتصرّف الشرعي ومغاير لاسقاط الجزئية إلاّ ذلك التنزيل الراجع إلى جعل المطابقة ، وحينئذ تكون الصحّة مجعولة شرعا ، فتأمّل. وسيأتي (١) له مزيد توضيح إن شاء الله تعالى.
هذا كلّه في الأمر الظاهري بعد انكشاف الخلاف ، وأمّا هو قبل الانكشاف فتارة يكون في مقام الجعل والتعلّق ، كأصالة البراءة من الجزئية والشرطية في مسألة الأقل والأكثر ، بل كالخبر الوارد بأنّ الجزء الفلاني ليس بواجب أو أنّه واجب. وأخرى يكون في مقام الفراغ ووادي الامتثال ، مثل قاعدة التجاوز والفراغ ونحوهما ممّا يجري في وادي تحقّق الامتثال ، ولو مثل الأمارة القائمة على الاتيان بالجزء ، كالظنّ بناء على حجّيته في الأفعال. فإن كان الأوّل فهو أجنبي عن جعل الصحّة لا ظاهرا ولا واقعا ، إذ ليس هو إلاّ منقّح لما هو المأمور به كلّية ، ويتفرّع على ذلك مطابقة المأتي به له وعدم مطابقته. وأمّا الثاني فكذلك أيضا ، إذ ليس الحكم في ذلك كلّه إلاّ من قبيل الأحكام الظاهرية الجارية في تحقيق الموضوعات الخارجية ، مثل موت زيد وحياة عمرو ، إذ لا فرق بين قيام الحكم الظاهري بأنّ زيدا قد مات في ترتّب أثره عليه من قسمة ميراثه ، وبين قيام الحكم الظاهري على هذا في الركوع بعد الفراغ ، بأنّه قد ركع بمقتضى قاعدة الفراغ أو بمقتضى الظنّ مثلا ، في ترتّب أثر الركوع عليه من سقوط الأمر وعدم الاعادة ،
__________________
(١) في هذه الحاشية والحاشية اللاحقة.