الواقع من الأمور الواقعية ، يكون حالهما حال الموت والحياة في أنّ إثباتهما بأمارة أو أصل لا يكون مرجعه إلى جعلهما ، بل إلى جعل آثارهما ، هذا ما تقدّم.
ولكن يمكن أن يقال : إنّ ذلك أعني جعل الآثار إنّما يمكن الالتزام به فيما لو كان في البين آثار شرعية ، فإنّه حينئذ يكون مرجع التعبّد بذلك الموضوع إلى التعبّد بآثاره ، حتّى في مثل الصحّة في المعاملة المحرزة بقاعدة الفراغ أو أصالة الصحّة ، فإنّه يمكن القول بأنّ مرجع التعبّد بالصحّة في ذلك إلى التعبّد بآثارها ، وهي النقل والانتقال أعني الملكية ، وهي أثر شرعي. أمّا الصحّة الظاهرية في باب العبادة المحرزة بأصالة الصحّة ، أو بقاعدة الفراغ أو بقاعدة التجاوز ، فإنّه لا يترتّب على التعبّد بهذه الصحّة إلاّ إسقاط الأمر الواقعي وحصول الامتثال ، ومن الواضح أنّ ذلك أيضا من الأمور الواقعية الغير الراجعة إلى الجعل الشرعي. وحينئذ لا مندوحة لنا إلاّ أن نلتزم بأنّ الصحّة قابلة للجعل الظاهري ، أو نقول إنّ التعبّد الظاهري لم يرد على الصحّة نفسها ، وإنّما ورد على أثرها وهو حصول الامتثال وسقوط الأمر ، فيكون ذلك الأثر هو المجعول الشرعي ظاهرا لا الصحّة نفسها التي هي التمامية أو المطابقة ، لكن الأمر سهل (١) بعد الالتزام بأنّه لا بدّ من الالتزام بجعل أحد الأمرين من الصحّة أو أثرها.
__________________
(١) والوجه في هذه السهولة هو أنّه لا يتأتّى في هذه الصحّة الظاهرية ما تأتى في صورة الاجزاء الواقعي ، من أنّه كيف يمكن الحكم واقعا بأنّ هذا مجز عن الواقع مع أنّ الواقع باق بحاله لم يتغيّر. وهذا الإشكال لا يتأتّى في الصحّة الظاهرية التي يكون أثرها الاجزاء الظاهري ، الراجع إلى أنّ هذا هو الواقع ظاهرا ، من دون فرق في ذلك بين أن نجعل مركز هذا التعبّد الظاهري هو الصحّة نفسها ، أو هو أثرها الذي هو اسقاط الأمر الواقعي ظاهرا ، فتأمّل [ منه قدسسره ].