الفعل الفاقد لبعض الأجزاء الذي وقع امتثالا للأمر الظاهري لا يوجب كونها ظاهرية ، بعد فرض أنّ مورد الحكم بها إنّما هو بعد انكشاف الخلاف. ومنه يظهر لك أنّه لم يؤخذ الشكّ في موضوعها ، وإنّما كان موضوعها هو الفعل الذي علم أنّه مخالف للواقع.
ونظير هذه العبارة موجود فيما حرّره المرحوم الشيخ محمّد علي في هذا المقام ، فقال : نعم للشارع بعد انكشاف الخلاف الحكم بالصحّة ، ومرجع الصحّة في مثل هذا إلى الاكتفاء بما أتى به امتثالا للواقع عن الواقع ، وهذه ترجع إلى الصحّة الواقعية بوجه (١). فقوله : وهذه ترجع إلى الصحّة الواقعية بوجه ، إشارة إلى هذا التفصيل الموجود في هذا الكتاب ، من كون هذه الصحّة متوسّطة بين الواقعية والظاهرية فتأمّل.
هذا كلّه في الصحّة المجعولة بعد انكشاف الخلاف ، وقد عرفت أنّها على تقدير القول بها لا تكون إلاّ حكما واقعيا. لكن قد تقدّم (٢) ما عرفت منه أنّه لا مورد لهذه الصحّة إلاّ في موارد تبدّل التقليد أو تبدّل الرأي ، وقد عرفت الحال فيهما ، وأنّ القول بالاجزاء وعدم القضاء في مثل ذلك لا يرجع إلى الصحّة. أمّا ما يكون من الصحّة الظاهرية قبل انكشاف الخلاف فقد عرفت (٣) المناقشة في كونها مجعولة ظاهرا ، لما تقدّم أوّلا من أنّ شيخنا قدسسره لا يقول بجعل الأحكام الظاهرية حتّى ما يجري منها في الشبهات الحكمية ، فضلا عمّا يكون جاريا منها في الشبهات الموضوعية. وثانيا أنّ الصحّة والفساد بعد الفراغ عن كونهما في مقام
__________________
(١) فوائد الأصول ١ ـ ٢ : ٤٦١.
( ٢ و٣ ) تقدّم ذلك كلّه في الحاشية السابقة.