للمبغوضية المانعة من إمكان التقرّب ، كما أنّا لم نجزم بصحّتها بدعوى كون التحريم والمبغوضية غير مانعة من إمكان التقرّب ، وأيضا أنّا لم نتمكّن من الجزم بفسادها نظرا إلى كون النهي مخصّصا للأمر ، كما أنّا لم نجزم بصحّتها نظرا إلى دعوى كون النهي غير مخصّص للأمر ، بل بقينا نحن والعبادة المنهي عنها المشكوك صحّتها ، فيكون الأصل فيها هو الفساد.
وهكذا الحال في المعاملة ، لكن الفرق بين الأصلين فيهما هو أنّه في العبادة يكون بمعنى أصالة عدم المشروعية ، وفي المعاملة بمعنى أصالة عدم ترتّب الأثر ، هذا لو كانت الشبهة حكمية ، أمّا لو كانت الشبهة موضوعية فالظاهر جريان أصالة البراءة من الحرمة ، وبذلك تخرج العبادة والمعاملة عن أصل المسألة ، وهي مسألة الشكّ في أنّ النهي يقتضي الفساد ، لارتفاع النهي حينئذ من أصله بأصالة البراءة.
وفي تعليق المرحوم الشيخ محمّد علي على ما نقله عن شيخنا قدسسره في هذا المقام من اندراج المسألة في مبحث الأقل والأكثر أنّ ذلك إنّما يكون راجعا إلى البحث المزبور لو كان النهي متعلّقا بجزء أو شرط. أمّا المتعلّق بنفس العبادة فلا يكون راجعا إلى ذلك ، إذ ليس هو من قبيل الشكّ في المانعية ، لاقتضاء النهي حرمة العبادة على كلّ حال وإن شكّ في اقتضاء الفساد ، ومع حرمة العبادة لا يمكن تصحيحها ، إذ ليس هنا شيء وراء العبادة تعلّق النهي به يشكّ في مانعيته حتّى ينفى بالأصل (١).
وفيه ما لا يخفى ، فإنّ دخول ما نحن فيه في مبحث الأقل والأكثر إنّما هو بناء على كون نفس الحرمة مانعا ، لا أنّ هناك شيئا محرّما يكون داخلا في العبادة
__________________
(١) فوائد الأصول ١ ـ ٢ : ٤٦٢ ( الهامش ، نقل صدره بالمضمون ).