كي يكون ذلك الفعل الحرام مانعا ، ليختصّ بالنهي عن الجزء أو الشرط. وقوله : ومع حرمة العبادة لا يمكن تصحيحها ، خلاف الفرض ، لأنّ الفرض أنّا مع حرمتها شاكّون في اقتضاء التحريم الفساد ، وهذا القول وهو قوله : مع حرمتها لا يمكن تصحيحها ، إنّما يكون اختيارا للقول باقتضاء الفساد ، فيكون خارجا عن الفرض الذي هو فرض الشكّ.
وينبغي أن يعلم أنّ المنقول عن شيخنا قدسسره في التحارير عن درسه مختلف غاية الاختلاف ، فالذي يظهر من هذا التحرير أنّ حكم الشكّ في كون النهي موجبا للفساد في العبادة ، هو أنّ الشبهة إن كانت موضوعية فمقتضى قاعدة الاشتغال هو الحكم بالفساد ، وأنّه إن كانت الشبهة حكمية كانت راجعة إلى مسألة الأقل والأكثر من الرجوع إلى الاشتغال أو البراءة. وفي الطبعة الجديدة زاد على ذلك أنّه بحسب القواعد الأوّلية مع قطع النظر عن قاعدة الفراغ أو التجاوز أو أصالة الصحّة (١) والظاهر أنّ ذلك استثناء من حكمه بالاشتغال في صورة كون الشبهة موضوعية.
والذي يظهر ممّا حرّره المرحوم الشيخ محمّد علي أنّ الشكّ في اقتضاء النهي الفساد يوجب الشكّ في مانعية المنهي عنه عن العبادة ، ويندرج في مسألة الأقل والأكثر ، هذا إذا كان أمر بالعبادة مع قطع النظر عن النهي ، وأمّا لو لم يكن أمر بها فالشكّ في اقتضاء النهي الفساد يوجب الشكّ في مشروعية العبادة ، والأصل يقتضي عدم المشروعية (٢). وأشكل عليه في الحاشية بأنّ مانعية المنهي عنه إنّما تتصوّر فيما لو كان المنهي عنه جزءا أو شرطا ، دون ما إذا كان نفس العبادة بتمامها
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢١٣ ( نقل بالمضمون ).
(٢) فوائد الأصول ١ ـ ٢ : ٤٦٢.