على أصالة الفساد ، والظاهر أن لا يكون هناك أصل حاكم على أصالة الفساد من الجهة التي نحن فيها ، انتهى ما أردت نقله من التحريرات المشار إليها.
وأنت ترى كيف حصر الشبهة فيما نحن فيه بما يرجع إلى الشكّ بين الأقل والأكثر ، نظرا إلى أنّ الشكّ حينئذ يكون في كون الحرمة المذكورة مانعة ، فتكون المسألة من قبيل الشكّ في المانعية على نحو الشبهة المفهومية بالنسبة إلى ما هو متعلّق الأمر ، وأنّه هل هو مطلق الصلاة مثلا ، أو أنّه هو خصوص ما لم يكن واقعا على جهة التحريم.
نعم ، يبقى في المقام إشكال آخر ، وهو أنّ الشكّ في المانعية المتفرّع على الشكّ في اقتضاء التحريم الفساد إن كان المراد بالمانعية العقلية التي هي عبارة عن مانعية المبغوضية عن امكان التقرّب ، فذلك لا يرجع إلى الشكّ في المانعية الوضعية التي هي بجعل الشارع ، كي يكون المرجع فيها هو البراءة أو الاشتغال. وإن كان المراد بالمانعية فيه هي المانعية الوضعية ، فمن الواضح أنّ هذه المانعية لا تتفرّع عن الفساد الآتي من ناحية النهي ، الذي هو عبارة عن عدم إمكان التقرّب بالمبغوض.
وحينئذ فالأولى هو أن يقال : إنّ الشكّ في الفساد إن كان المراد بالفساد فيه هو ما ذكرناه من مانعية المبغوضية من قصد التقرّب ، بمعنى أنّا نشكّ في إمكان التقرّب به ، فلو فرضنا حصول الشكّ في ذلك ، خلافا لما حقّقناه في محلّه (١) في مسألة استصحاب الأحكام العقلية من أنّ الأحكام العقلية لا يعقل فيها الشكّ من ناحية العقل الذي هو الحاكم فيها ، فالأصل فيه حينئذ هو الاشتغال ، بمعنى الشكّ في حصول التقرّب الذي يتوقّف عليه الامتثال. وإن كان الفساد المدّعى هو الآتي من ناحية تخصيص الأمر أو تقييد اطلاقه فمع الشكّ فيه يكون أصالة العموم أو
__________________
(١) راجع حواشيه قدسسره على فوائد الأصول ٤ : ٣٢٠ ـ ٣٢٢ في المجلّد التاسع.