للفساد. كما أنّ الأولى أيضا إسقاط الشبهة الحكمية بالمعنى المذكور ، أعني بمعنى الشكّ في الأمر ، لما عرفت من أنّ تلك العبادة حينئذ تكون في حدّ نفسها محكوما عليها بالفساد ، لعدم ثبوت مشروعيتها ، وحينئذ لا محصّل للنزاع في أنّه بعد تعلّق النهي بها ولم يثبت عندنا كونه مقتضيا للفساد هل الأصل فيه هو الفساد أو لا.
ولعلّ إدخال الشبهة الحكمية وكذلك الموضوعية كان منّا معاشر المحرّرين تبعا لما في الكفاية في النسخ الطهرانية (١) من التعرّض للأقسام الثلاثة ، غفلة عن حقيقة ما أجمله شيخنا قدسسره في هذا المقام.
والذي يعجبني في هذا المقام ما وجدته في تحريرات نجل شيخنا قدسسره حضرة الأخ الفاضل الميرزا علي آقا سلّمه الله ، فإنّه حينما كان يكتب الدرس يعرضه بخدمة والده قدسسره ، ولعلّ الكثير منه كان باملائه قدسسره. وهاك نصّ ما تفضّل باطلاعي عليه :
قال سلّمه الله : وبالجملة فهذا الشكّ السببي ـ يعني هل النهي يقتضي الفساد أو لا ـ ليس موردا لأصل أصلا ، ولكن الشكوك المسبّبة المتولّدة منه يجري فيها الأصل ، وحيث إنّ مرجع البحث إلى استتباع النهي للمانعية ، ففي العبادات يرجع إلى تردّد المكلّف به بين الأقل والأكثر ، ويبنى الصحّة والفساد حينئذ على البراءة والاشتغال ، فعلى الأوّل يحكم بالصحّة وعدم المانعية ، وعلى الثاني بالمانعية والفساد. وفي المعاملات أيضا يرجع إلى الشكّ في ترتّب الأثر المعاملي على مورد النهي ، فيكون الأصل مقتضيا للفساد إلاّ إذا فرض أصل حاكم
__________________
(١) كفاية الأصول ( المطبوعة في طهران قديما ) : ١١٠ ، وقد وردت هذه العبارة في الطبعة المحشاة بحاشية المرحوم القوچاني قدسسره كما تقدّم في الصفحة : ٢١٩ من هذا المجلّد ، وذكرت أيضا في هامش الطبعة الحديثة المحشاة بحاشية المرحوم المشكيني قدسسره ٢ : ٢٣١.