فيه النهي نهيا عن العبادة بذاتها ، بخلاف التي يكون الأمر بالنسبة إليها بدليا ، كما في مثل الصلاة في لباس الحرير ، فإنّ تعلّق النهي بمثله يكون لأجل الخصوصية الزائدة على نفس العبادة المأمور بها.
والحاصل : أنّ عمدة الإشكال إنّما هو إنكار القسم الأوّل ، بدعوى أنّه لا يوجد لنا عبادة منهي عنها لذاتها ، وأنّ جميع الأمثلة من قبيل العبادة المنهي عنها لوصفها أو شيء زائد على أصل حقيقتها النوعية ، حتّى في مثل صلاة الحائض وصوم العيد ، لأنّ النهي فيهما لأجل الخصوصية الزمانية. والجواب عنه هو ما أفاده شيخنا قدسسره من أنّ هذه الخصوصية الزمانية ليس من الخصوصيات الزائدة على نوع الصلاة ، فلأجل ذلك قلنا إنّ هذا من قبيل ما نهي عنه لذاته النوعية لا لجهة زائدة. والأولى أن يجاب بما عرفت من أنّ العموم لو كان بدليا لكان من الممكن دعوى كونها زائدة على حقيقته النوعية ، بخلاف ما لو كان شموليا كما هو المفروض في صوم يوم العيد أو صلاة الحائض ، فإنّ نفس العبادة المأمور بها في ذلك الزمان تكون منهيا عنها.
وأمّا ما في هذا التحرير من جعل الخصوصية تارة غير مقسّمة للعبادة اللاحقة لها كالنظر إلى الأجنبية في حال الصلاة ، وأخرى مقسّمة مثل صوم الوصال وصوم الحائض ، فلعلّه لا يخلو من تأمّل في عدم انطباق الجواب فيه على دفع الإشكال ، لأنّ الإشكال إنّما كان في إمكان القسم الأوّل ، وهذا المذكور في هذا التقسيم لا يكون جوابا له ، وإلاّ فأي هذين القسمين يكون قد تعلّق النهي به لذاته وأيّهما تعلّق النهي به لجزئه أو وصفه ، وما دخل مثال النظر إلى الأجنبية في حال الصلاة فيما نحن بصدده من دعوى امكان تعلّق النهي بذات العبادة في قبال تعلّقه بها باعتبار جزئها أو وصفها.