وإن شئت فبدّل عنوان الحركة بالفعل الصادر من الفاعل فرارا من دعوى أنّ الغصب ليس من الحركة أو أنّ الصلاة ليست منها بل هي من الوضع ، فإن غرضنا هو ما عرفت من إمكان اشتراك العرضين في عنوان يشملهما ، واختصاص كلّ منهما بخصوصية توجب امتيازه عن صاحبه ، وأنّه عند اجتماعه لا يكون ذلك الاجتماع إلاّ من قبيل اجتماع المتباينين ، نظير اجتماع الفرس والإنسان. فإن شئت فسمّ ذلك الجامع بينهما جنسا وذلك المميّز لكلّ منهما عن الآخر فصلا ، وإن شئت فسمّ الأوّل عرضا عاما والآخر عرضا خاصّا ، سواء ذلك الجواهر والأعراض.
وأمّا دعوى كون ما به الاشتراك عين ما به الامتياز في البسائط فذلك أمر آخر مرجعه إلى أنّ الامتياز بالذات وأنّه لا اشتراك بينهما ، فلاحظ وتأمّل.
ومن ذلك كلّه تعرف أنّ ما أفاده في المقدّمة الخامسة بقوله : وهذا بخلاف تقييد العناوين الكلّية فإنّه يوجب تضييقها المانع من صدقها على فاقد القيد الخ (١) لا يختصّ بالعناوين الاشتقاقية ونحوها ، بل هو جار في مبادئ الاشتقاق ، فيكون الحاصل أنّ القيد إن كان في عالم المصداق كان موجبا لتكثّره وتعدّده كما في مصداق الغصب والصلاة ، وإن كان في عالم المفهوم كان موجبا لتضييق دائرته كما لو قيّدت مفهوم الغصب بأنّه الغصب الصلاتي. وفي الحقيقة أنّ الجهة التقييدية في الأوّل تكون عبارة عن نفس مصداق الغصب ونفس مصداق الصلاة ، وعند اجتماعهما يكون لنا مصداق للصلاة ومصداق آخر للغصب ، ولا يكون أحدهما عين الآخر بل يكون مغايرا له ، ويكون تركّبهما انضماميا لا اتّحاديا ، كلّ ذلك من
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ١٣٨ [ المنقول هنا مخالف للنسخة القديمة غير المحشاة ].