يلازم فساد ما تعلّق به. ولكن ليس الفساد الحاصل من النهي في المقام مثل الفساد في القسم الأوّل ، لأنّ الفساد في المقام تابع للنهي ، فمتى وجد النهي يمكن الحكم بالفساد ، ومتى انتفى النهي لمانع ـ كالغفلة والنسيان والضرورة ونحوها ممّا يرتفع معها التكليف ـ فلا فساد ، بخلاف الفساد في القسم الأوّل ، فإنّه ليس تابعا للنهي ، بل النهي إنّما تعلّق به لكونه فاسدا ، فعند ارتفاع النهي بواسطة الضرورة ـ مثلا ـ لا يمكن الحكم بعدم الفساد ، الخ (١).
وهو كما ترى صريح في أنّ التحريم الذي جعلوه سببا للمانعية وأنّ المانعية ترتفع بارتفاعه هو التحريم اللاحق لنفس العبادة ، وهو ما يستفاد من قوله : لا تصلّ في الدار المغصوبة أو لا تصلّ في الحرير ، وأمّا ما أفاده في القسم الأوّل ـ أعني النهي الغيري ـ من أنّه ليس تابعا للنهي ، بل إنّما تعلّق به لكونه فاسدا ، فكأنّه إيماء إلى أنّ النهي الغيري يكون منتزعا عن المانعية ، التي هي عبارة عن تقيّد العبادة بعدم ذلك المنهي عنه.
وينبغي مراجعة ما حرّره في مسألة اجتماع الأمر والنهي في ذيل الجواب عن الوجه الثالث ممّا احتجّ به المجوّزون (٢) ، إذ لا يخلو من منافاة لما أفاده في هذا المقام ، فإنّ المتحصّل من كلامه هناك أنّ النهي المتعلّق بالعبادة لصفة لاحقة لها وكان أخصّ من الأمر ، ومثّل لذلك بقوله لا تصلّ في الدار المغصوبة ، وأفاد أنّ هذا القسم لا يؤثّر فيه السهو والنسيان والاضطرار ، بخلاف ما لو كان متعلّق النهي أعمّ من وجه من متعلّق الأمر. ولعلّه أراد ممّا هو أخصّ من متعلّق الأمر هو خصوص النهي الغيري ، ويشهد بذلك أنّه ذكر في بيان هذا النهي الذي هو أخصّ
__________________
(١) مطارح الأنظار ١ : ٧٥٠ ـ ٧٥١.
(٢) مطارح الأنظار ١ : ٦٩١ ـ ٦٩٢.