لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ )(١) إرشادا إلى وجوب الصلاة ، وأنّها هي المطلوب في ذلك الحال ، فيكون ذلك حثّا على حضورها بالنصيحة في ترك البيع وأمثاله من الأمور الدنيوية ، لا أنّه متضمّن للحرمة التكليفية ، كما هو الشأن في كلّ ما هو ضدّ للمأمور به. وحينئذ تدخل المعاملة المذكورة فيما سيأتي (٢) التعرّض له إن شاء الله تعالى من المعاملات المأمور بضدّها ، وأنّ ذلك هل يوجب سلب السلطنة عليها مطلقا ، أو نفصّل بين ما يكون الضدّ ممّا يتعلّق بالمال فيوجب الفساد ، دون ما ليس له الدخل في المال ، مثل إزالة النجاسة ونحوها ، فلا يكون الأمر به موجبا لسلب السلطنة على المال.
وسيأتي (٣) إن شاء الله تعالى بيان أنّه لو كان هذا النهي تحريميا لما كان دالا على الفساد ، لا لأنّه من قبيل النهي المتعلّق بالسبب ، إذ ليس المراد بالبيع هاهنا سببه الذي هو العقد نفسه ، لوضوح أنّ المراد به هو نفس المعاملة التي هي عبارة عن تبديل المالين ، بل لأنّ هذا النهي المتعلّق بهذه المعاملة لم يتعلّق بها بما أنّها تصرّف ومن حيث كونها تصرّفا في المال ، بل إنّ النهي تعلّق بها بما أنّها فعل من الأفعال باعتبار كونها فعلا شاغلا عن الصلاة ، كسائر الأفعال الأخر مثل الأكل والشرب ونحوهما ، وإنّما ذكر خصوص البيع من جهة خصوصية المورد ، أعني به سبب النزول كما يعطيه قوله تعالى : ( وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً )(٤) الخ ، فلا
__________________
(١) الجمعة ٦٢ : ٩.
(٢) في الصفحة : ٣٣٣ ـ ٣٣٦ و٣٤٦ ـ ٣٤٧.
(٣) في الصفحة : ٣٣٣ ـ ٣٣٦ و٣٤٦ ـ ٣٤٧.
(٤) الجمعة ٦٢ : ١١.