فواضح ، إذ ليس في البين قيد ومقيّد كي يكون النهي عمّا اعتبر عدمه نهيا غيريا. وأمّا الثاني فلأنّ المنهي عنه وإن كان قد اعتبر عدمه في المعاملة ، إلاّ أنّ ذلك لا يصحّح النهي عنه بالنهي الغيري ، كما في العبادات التي يكون المانع فيها مطلوب العدم في ضمن الطلب المتعلّق بالكل ، إذ ليس في البين طلب ، وإنّما المانعية هنا عبارة عن كون ما يترتّب عليه الأثر من العقد مقيّدا بعدم ذلك المانع ، سواء قلنا إنّ هذه المانعية منتزعة من جعل الأثر مترتّبا على المقيّد بالعدم ، أو قلنا بأنّها مجعولة ابتداء ، فإنّه على أي حال لا يكون في البين طلب أصلا.
فالأولى في المقام تبديل النهي الغيري بالارشادي ، ويكون النهي في الأوّل ارشادا إلى عدم ترتّب الأثر على مثل بيع المنابذة. وفي الثاني ارشادا إلى مانعية الفصل الطويل من ترتّب الأثر ، أو إلى تقيّد السبب بعدمه. وفي الثالث إرشادا إلى عدم حصول النقل والانتقال. والعبارة الجامعة هي كون النهي ارشاديا ، كما صنعه المرحوم الشيخ محمّد علي (١) تبعا للكفاية (٢).
والأولى أن يقال : إنّ مفاد الأوّل ـ وهو النهي عن بيع المنابذة ـ هو الاستثناء من عموم السبب ، ومفاد الثالث هو الاستثناء من عموم المسبّب ، ومفاد الثاني هو تقيّد السبب من ناحية ترتّب الأثر عليه بعدمه ، فيكون وزان التقيّد بالعدم وزان جزء العقد أو شرطه. والجامع هو عدم ترتّب الأثر ، ويكون النهي عن كلّ واحد من هذه الأمور الثلاثة إرشادا إلى عدم ترتّب الأثر. ومنشؤه في الثاني هو التقيّد ، وفي الأوّل والثالث هو الاستثناء.
ويمكن أن يجعل النهي عن البيع وقت النداء في قوله تعالى : ( إِذا نُودِيَ
__________________
(١) فوائد الأصول ١ ـ ٢ : ٤٧١.
(٢) كفاية الأصول : ١٨٧.