حينئذ ، إلى أن قال : إلاّ أنّ ذلك إنّما يستقيم فيما إذا قلنا بأنّ الأسباب الناقلة إنّما هي مؤثّرات عقلية ، قد اطّلع الشارع عليها وبيّنها لنا من دون تصرّف زائد. وأمّا على القول بأنّ هذه أسباب شرعية إنّما وضعها الشارع وجعلها مؤثّرة في الآثار المطلوبة منها ، فلا بدّ من القول بدلالة النهي على الفساد ، فإنّ من البعيد في الغاية جعل السبب فيما إذا كان وجود المسبّب مبغوضا. وكأنّه إلى ذلك ينظر ما حكي عن الفخر (١) بأنّ قضية اللطف عدم امضاء المعاملات التي تكون مبغوضة عنده. فإنّ ذلك على اطلاقه ربما لا يساعده دليل ولا ضرورة (٢).
وأنت إذا تأمّلت هذه الكلمات تقدر على تفسيرها بما ذكرناه ، من كون النظر في النهي عن المعاملة تارة إلى ناحية كونها عملا من أعمال يتوخّى الناهي تركه وانعدامه ، كما في مثل النهي النفسي عن المعاملة عند إرادة سكون المكلّف وعدم اقدامه على فعل من الأفعال. ومن ذلك إيقاع العبد عقد البيع بين البائع والمشتري بتوكيل منهما ، مع فرض كونه مملوكا لغيرهما ، وكما في ضماناته لما يتبع به بعد العتق ، ونحو ذلك ممّا لا تعلّق له بسيده ، فإنّ نفس إيجاد المعاملة يكون محرّما ، لكونه غير مأذون بها من سيّده. لكن هذا التحريم لا يوجب الفساد ، لتعلّقه بإيجاد المعاملة المعبّر عنه بالمعنى المصدري ، لا بما هو ملحوظ قنطرة لحصول اسم المصدر ، كما في معاملته فيما يتعلّق به حقّ سيّده من نقل ما يملكه العبد أو تزويج نفسه ، فإنّ النهي عنه يوجب الفساد لكن تصلحه الإجازة خلافا لما يظهر من شيخنا قدسسره (٣) ومن الشيخ (٤) أيضا في مبحث معاملة العبد من
__________________
(١) [ لم نعثر عليه ].
(٢) مطارح الأنظار ١ : ٧٥١ ـ ٧٥٢.
(٣) المكاسب والبيع ١ : ٤٨٤ ، منية الطالب ١ : ٤٢٥.
(٤) كتاب المكاسب ٣ : ٣٣٨.