فإنّ ذلك الضدّ يكون حينئذ غير مقدور شرعا ، ولا تصحّ الاجارة عليه حينئذ ، ولأجل ذلك التزموا بخروج مقدار أداء الصلاة فيما لو آجر نفسه من الصبح إلى الغروب ، بمعنى كون الاجارة فيما قابل مقدار أداء الصلاة تكون باطلة. ولا منشأ له إلاّ الضدّية المذكورة ، على وجه لو عصى الأجير ولم يصلّ لم يكن للمستأجر الزامه بالعمل في مقدار المدّة المزبورة.
ومن هذا الفرق الذي ذكرناه بين الضدّ الذي يكون تصرّفا في المال والضدّ الذي لا يكون تصرّفا فيه في كون الأوّل موجبا لسلب السلطنة على المعاملة دون الثاني ، يتّضح لك مطلب مهمّ في أصل المسألة ، أعني مسألة النهي عن المعاملة ، فإنّ النهي عنها ربما يتعلّق بها بما أنّها تصرّف في المال ، فيكون موجبا لفسادها ، لكونه سالبا للسلطنة عليها. بخلاف ما لو كان النهي عنها متعلّقا بها بما أنّها فعل من الأفعال الخارجية ، لا باعتبار كونه تصرّفا في المال وإن كان هو تصرّفا فيها ، كما لو نذر أن لا يفعل في هذه الساعة فعلا من الأفعال ، فإنّ ذلك وإن أوجب حرمة البيع مثلا ، إلاّ أنّه لا يوجب فساد البيع المذكور.
ولعلّ من قال إنّ النهي عن المعاملة لا يوجب فسادها إنّما ينظر إلى هذا النحو من النهي ، دون النحو الأوّل ، بل لعلّ نظر شيخنا قدسسره في بيان أنّ النهي عن السبب لا يوجب بطلان المعاملة ، معلّلا ذلك بقوله : لأنّ مبغوضية الايجاد بما هو فعل من أفعال المكلّف لا تلازم عدم ترتّب أثر المعاملة عليها بوجه ، فلا ينافي حرمة البيع وقت النداء مع وقوع المبادلة به في الخارج الخ (١) إلى هذا الذي ذكرناه من كون الملحوظ في النهي هو مجرّد الفعل ، لا بما أنّه تصرّف في المال ، وإلاّ فإنّك قد عرفت أنّ النهي عن المسبّب لا بدّ أن يتعلّق به باعتبار إيجاده ، ولا يعقل
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٢٨ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].