الحرمة الواقعية مشروطة بالعلم بالوجوب الواقعي ، أو كانت مشروطة بعدم العلم به ، أو كانت مطلقة (١).
والتحقيق هو أن يقال : إنّ هذه الحرمة التشريعية مناقضة لذلك الوجوب ، وموجبة للتخصيص وانحصار مورد الوجوب بما عدا مورد التشريع ، ويكون حرمة التشريع الطارئة على الفعل باعتبار الاتيان به بصفة الوجوب مع عدم العلم بالوجوب كسائر العناوين الثانوية ، الموجبة للتحريم والرافعة للحكم الأوّلي اللاحق للشيء في حدّ نفسه ، وحينئذ ينحصر وجوب تلك العبادة فيما إذا لم يؤت بها بعنوان الوجوب التشريعي ، ومع هذا التخصيص تكون العبادة فاسدة من دون حاجة إلى القبح الفاعلي ، ولا إلى المبغوضية الفعلية التي ذكرها المحشي (٢).
ثمّ إنّ لنا طريقة أخرى للحكم بفساد العبادة المذكورة ، وهي أنّ ذلك المكلّف لم يأت بها بداعي أمرها ، بل إنّما أتى بها بداعي ذلك الأمر الذي شرعه من قبل نفسه ، سواء كان التشريع قبيحا أو لم يكن ، كان في البين قبح فاعلي أو لم يكن ، كان في البين حرمة شرعية تشريعية أو لم تكن ، كان في البين تخصيص أو لم يكن ، حتّى أنّا نلتزم بأنّ من علم بأنّ هذه الصلاة واجبة شرعا ، ولكن أراد أن يخترع لنفسه شريعة خاصّة ، فأوجب على نفسه أو على غيره أشياء ، وحرّم على
__________________
(١) إذا كان اختلاف الرتبة مجديا في رفع التناقض لم يكن معنى محصل للقول بأنّ مثل « إذا علمت بوجوب الشيء فقد حرم » لا يصحّ ، لأنّ المخاطب يراه تناقضا ، هذا كلّه. مضافا إلى أنّ التحريم في الرتبة المتأخرة عن الايجاب الأوّلي كاف في الحكم بالفساد في هذه الرتبة ، بل هي في هذه الرتبة خارجة عن الوجوب في رتبتها ، وإن كان وجوبها في الرتبة السابقة باقيا [ منه قدسسره ].
(٢) أجود التقريرات ٢ ( الهامش ) : ٢٤٠.