ملزوم الانتفاء عند الانتفاء ، بخلاف دلالة مثل كفّر على سببية الوطء للكفّارة ، ودلالة الآيتين على أقل الحمل ، فإنّها إنّما تكون بعنايات أخر وجهات أجنبية عن الدلالة على الملزوم الموجبة لانتقال الذهن إلى لازمه ، وبناء على ذلك يكون دلالة الأمر بالشيء على إيجاب مقدّمته ونحو ذلك من قبيل الدلالة اللفظية بهذه العناية.
والذي تلخّص من هذا المبحث : هو أنّ دلالة اللفظ على ما هو لازم معناه بالمعنى الذي ذكروه للبين بالمعنى الأخصّ إنّما هي من محض حضور اللازم في ذهن السامع عند حضور ملزومه في الذهن بواسطة سماع اللفظ ، ليست من الدلالة التصديقية التي مرجعها إلى الحكم على المتكلّم بأنّه أراد ذلك اللازم. وحينئذ يقع الكلام في أنّه هل لنا دلالة تصديقية لفظية التزامية ، بحيث يكون منشأ الحكم بأنّ المتكلّم أراد ذلك اللازم هو الملازمة بين المعنيين؟
والظاهر أنّه لا وجود لمثل هذه الدلالة ، نعم بعد تحقّق الملازمة بين المعنيين لو دلّ الكلام اللفظي على تحقّق الملزوم ننتقل نحن إلى أنّ لازم ذلك المعنى قد تحقّق أيضا بعد ثبوت الملازمة بينهما. ومن الواضح أنّ هذا الانتقال ليس من الدلالة اللفظية التصديقية في شيء. أمّا تحقّق الملازمة بين المعنيين وبما ذا تثبت به تلك الملازمة بينهما فذلك أمر آخر ، وربما كان مجرّد تصوّر الملزوم كافيا في إثبات الملازمة بينهما ، كما يقال إنّ تصوّر معنى الاثنين كاف في الحكم بأنّها ضعف الواحد (١) وربما سمّي هذا النحو من اللزوم بأنّه البيّن بالمعنى الأخصّ ، وربما كان ذلك غير كاف في الحكم باللزوم بينهما ، بل يكون الحكم
__________________
(١) ولكن لقائل أن يقول : إنّ ذلك ليس من قبيل الملازمة ، بل إنّ أحدهما عين الآخر ، وما ذلك إلاّ من قبيل تغيير العبارة نحو أنت وابن أخت خالتك [ منه قدسسره ].