المبادئ بعضها مع بعض ، بدعوى أنّه يستلزم اتّحاد مقولتين متباينتين ، ضرورة أنه لا فرق بين الصلاة والشرب الخ.
لا يخفى ما في هذه المقايسة فإنّ الصلاة مقولة وأينها مقولة أخرى ، بخلاف شرب الماء المغصوب فإنّ نفس الشرب المأمور به هو بعينه منهي عنه ، لكونه مصداقا لقوله تعالى : ( لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ ... )(١) وهو بنفسه أيضا مصداق لقوله صلىاللهعليهوآله : « لا يحلّ مال امرئ ... » (٢) فإنّ الغصب وإن لم يكن لنا فيه عموم أو إطلاق وكذلك التصرّف في مال الغير ، إلاّ أنّه لا ريب في أنّ نفس أكل المغصوب وشربه مصداق للنواهي المذكورة.
نعم في سائر التصرّفات المتعلّقة بمال الغير نحتاج إلى ادخالها في تلك النواهي ، باعتبار كونها استيفاء منفعة المال مثلا كالجلوس في الدار المغصوبة أو القيام أو الركوع فيها ونحو ذلك فتكون محرّمة من هذه الجهة ، وحينئذ يكون الجلوس في الدار منهيا عنه باعتبار كونه استيفاء لمنفعتها وكونها كذلك باعتبار أينها ، إذ ليس القيام بما أنّه من مقولة الوضع مثلا منفعة للدار ، وإنّما يكون كذلك باعتبار أينه ومحلّه الواقع فيه ، وحينئذ يكون النهي متوجّها إلى الأين المذكور ، أمّا ما يكون هو مصداقا للأكل بل هو هو بعينه فلا يكون محتاجا إلى الارجاع إلى الأين ، بل يكون بنفسه وبذاته محرّما ، فلو كان مع ذلك مأمورا به كان من مورد الاجتماع مع وحدة المتعلّق ، وهذا معنى قولنا في ذلك إنّه من قبيل التركّب الاتّحادي ، وإلاّ ففي الحقيقة لا تعدّد في متعلّق الأمر والنهي في ذلك كي يكون تركّبهما اتّحاديا ، بل لم يتعلّق الأمر إلاّ بنفس العنوان الذي تعلّق به النهي ، غاية
__________________
(١) النساء ٤ : ٢٩.
(٢) وسائل الشيعة ٥ : ١٢٠ / أبواب مكان المصلّي ب ٣ ح ٣ ، ١ ( مع اختلاف يسير ).