بعد فرض كون المفهوم مثبتا لكون الماء القليل يتنجّس بشيء من المنجّسات.
وهذا الذي قلناه مأخوذ ممّا حرّرناه عن شيخنا قدسسره ، وهذا نصّ ما حرّرته عنه : وأمّا انفعاله بملاقاة المتنجّس فهو أجنبي بالمرّة عن كون المفهوم في هذه القضية الشرطية هو الموجبة الجزئية أو الكلّية ، بل هو مبني على مطلب آخر ، وهو أنّ المتنجّس هل يكون ملحقا بالنجاسة في كونه منجّسا لما يلاقيه أم لا ، وبعد إثبات ذلك بالدليل الدالّ عليه يكون كأحد أنواع النجاسات ، يجري عليه فيما نحن فيه ما يجري عليها ممّا يترتّب على كون المفهوم موجبة كلّية أو كونه موجبة جزئية ، وأنّه لو سلّم كونه موجبة جزئية نتمّم المطلب ـ أعني الايجاب الكلّي ـ بعدم القول بالفصل ، انتهى.
ونحن وإن وجّهنا هذا التتميم في المتنجّس بما تقدّم ذكره ، إلاّ أنّ ظنّي أنّ شيخنا قدسسره لا يريد ذلك ، بل إنّ الذي يريده هو ما عرفت من أنّه في خصوص تنجيس المتنجّس للماء القليل يكفينا الأدلّة الخاصّة التي تقدّم (١) ذكرها كما نقله عنه في هذا الكتاب ، فلا داعي إلى الالتزام بكون تلك الأدلّة غير دالّة إلاّ على التنجيس في الجملة ، لكي نكون في حاجة إلى عموم المفهوم أو إلى عدم القول بالفصل.
ولا يخفى أنّ هذا المعنى الذي حرّره عنه في هذا الكتاب يوافقه عليه ما حرّره عنه المرحوم الشيخ موسى رحمهالله فإنّه قال ما هذا لفظه : لأن تنجّس ماء القليل بالمتنجّس له دليل آخر ، وقلنا به أو لم نقل لا دخل له بالإشكال في المفهوم ، لأنّه وارد في تنجّس ماء القليل بالنجاسات لا بالمتنجّسات ، وفي النجاسات لم يقل أحد بالتفصيل ، لأنّه لو تنجّس بأحدها فيتنجّس بالجميع ، انتهى.
__________________
(١) في الصفحة : ٤٢٨.