طلب تركه لأنّه ليس الترك بأرجح من الفعل. ومنه يظهر الحال في صورة العكس ، فإنّه إن كان مصلحة تركه أرجح من مصلحة فعله نهي عنه وتعلّق الطلب بتركه. ولو تساوى المصلحتان لم يمكن أن يؤمر به وأن ينهى عنه بحيث يكون كلّ من فعله وتركه مطلوبا على نحو التعيين ، لما عرفت من تناقض الارادتين ، مضافا إلى محالية كلّ منهما في حدّ نفسها لعدم رجحان متعلّقها على عدمه ، فلم يبق إلاّ التخيير الشرعي بين الفعل والترك ، وهو أيضا محال لكونه لغوا صرفا لعدم خلو المكلّف عن أحد الطرفين.
وأمّا الضدّان اللذان لا ثالث لهما فإن كان كلّ منهما ذا مصلحة وكان مصلحة أحدهما أقوى حكم باستحبابه لكون فعله أرجح من تركه ، إلاّ أنّه لا يكون الحكم باستحبابه منافيا للحكم باستحباب الآخر ، لأنّه أيضا يكون فعله أرجح من تركه. وإن كانا متساويين لم يمكن الحكم باستحباب كلّ منهما تخييرا ، لكونه لغوا لعدم خلو المكلّف عن أحدهما ، هذا.
لكنّه قدسسره أفاد حسبما فهمته وحرّرته عنه فيما تقدّم نقله عنه قدسسره أنّ الكسر والانكسار جار في استحباب الضدّين اللذين لا ثالث لهما ، وفي كراهة أحد المتلازمين في الوجود واستحباب الآخر. والظاهر أنّ نظره قدسسره في ذلك إلى قبح تشريع استحباب ما يكون وجوده ملازما للمرجوح ، وكلاهما من هذا القبيل. أمّا الثاني فواضح ، وأمّا الأوّل فلأنّ فعل أحد الضدّين اللذين لا ثالث لهما ملازم لترك الآخر الذي هو مرجوح. إلاّ أنّ هذا لو تمّ لكان الأمر كذلك في الضدّين اللذين لهما ثالث ، لأنّ فعل كلّ واحد من الأضداد ملازم للمرجوح الذي هو ترك الآخر.
وهكذا الحال لو علّلنا الكسر والانكسار في ذلك بما مرّ من عدم إمكان تعلّق الارادة بالضدّين اللذين لا ثالث لهما ، أو تعلّق الارادة بالفعل الذي يكون