زوحمت الصلاة في هذا المكان بالنظر إلى الأجنبية ، إذ ليس في البين إلاّ حكم العقل بإيقاع الصلاة في المكان الخالي من هذه المزاحمة ، وعلى ذلك يمكننا أن نقول إنّه لو صلّى مع ابتلائه بالازالة أو مع ابتلائه بالنظر إلى الأجنبية يكون الانطباق قهريا والامتثال وجدانيا ، فيكون الاجزاء عقليا. ولكن هذه الطريقة لا يمكننا إجراؤها في الصلاة في الدار المغصوبة لجهات أخر ، وهي ما أفاده شيخنا قدسسره في جواب إن قلت المذكورة أوّلا (١) ، فلاحظ.
وهذه الجهة الأخرى هي المعبّر عنها في كلامه قدسسره بالقبح الفاعلي ، وبعد تماميتها تكون عنده مانعة من التصحيح بطريقة الملاك بعد فرض أنّه أبطل طريقة المحقّق القائلة بالانطباق القهري الخ ، لكن نحن بعد أن صحّحنا هذه الطريقة وجعلنا حكومة العقل مقصورة على التصرّف في مقام الامتثال لا بدّ لنا من الالتزام بالقضية الأولى وهي الانطباق القهري ، ويكون الممنوع عندنا هو القضية الثانية وهي كون الامتثال وجدانيا ، لما عرفت من تحقّق القبح الفاعلي ، وهو مانع من الامتثال كما يمنع من طريقة شيخنا قدسسره أعني طريقة الملاك.
ثمّ إنّ هذا المانع المعبّر عنه بالقبح الفاعلي ليس هو عبارة عن وحدة الايجاد وتعدّد الوجود ، لما يرد عليه من أنّه لا فرق بين الايجاد والوجود إلاّ بالاعتبار ، مضافا إلى أنّ محصّل الايجاد هو المعنى المصدري ومحصّل الوجود هو المعنى الاسم المصدري ، وقد حقّق في محلّه أنّ ما هو متعلّق التكاليف هو المعاني المصدرية لا الاسم المصدرية ، وحينئذ يعود محذور الاجتماع في شيء واحد ، فليس المانع هو وحدة الايجاد وتعدّد الوجود ، ولا هو وحدة المعنى المصدري وتعدّد المعنى الاسم المصدري. كما أنّه ليس المانع المذكور هو وحدة
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ١٧٩ ـ ١٨١.