تركه كي يكون ذلك قبيحا على الشارع لكونه منتهيا إلى الظلم وهو قبيح عليه ، بل إنّ محاليّته هي قبح إرادة ما لا يكون وإن لم يكن فيه تحتيم ولا عقاب ، بل إنّ نفس إرادة ما لا يكون الذي هو غير المقدور لا يعقل صدورها من العاقل فضلا عن الشارع الحكيم.
وحينئذ نقول : إنّ هذا الفرد المبتلى بمزاحمة الغصب لا يعقل أن يكون مشمولا للطبيعة المأمور بها ، وإن لم يكن شمولها له مشتملا على التحتيم والعقاب على الترك بالنسبة إلى خصوص ذلك الفرد ، إلاّ أنّ كونه متعلّقا للارادة ولو باعتبار شمول الطبيعة له يكون محالا ، لأنّ إرادة ما لا يكون لا يعقل صدورها من العاقل وإن لم يكن في البين وجوب إلزامي وعقاب على الترك بالنسبة إلى خصوص ذلك الفرد ، وحينئذ لا بدّ من الحكم العقلي بتقييد الطبيعة المأمور بها بغير ذلك الفرد المبتلى بالمزاحم ، سواء كان الفرد طوليا كما في باب المزاحمة بالازالة ، أو كان عرضيا كما فيما نحن فيه
والإنصاف أنّه لم يتّضح الفرق بين الوجهين لاعتبار القدرة ، فسواء قلنا إنّ التكليف بغير المقدور تكليف غير معقول أو قلنا إنّه مناف للعدل نقول إنّ ذلك إن اقتضى التقييد اقتضاه على كلا الوجهين ، وامتنعت طريقة المحقّق الثاني القائلة بأنّ الانطباق قهري على كلا الوجهين ، وإن لم يقتض التقييد صحّت طريقته على كلا الوجهين أيضا ، هذا في عدم القدرة عقلا.
وأمّا ما كان من ناحية التزاحم فكذلك ، وقد تقدّم (١) الكلام على أنّه لا تقييد في البين ، وأنّه ليس في البين إلاّ حكم العقل بلزوم تأخير امتثال الأمر بالصلاة عن امتثال الأمر بالازالة ، هذا في الطوليات. وكذلك الحال في العرضيات كما لو
__________________
(١) في المجلّد الثالث من هذا الكتاب ، الصفحة : ١٤٠ وما بعدها.