أو الاضطرار لا بدّ لنا من الالتزام بالجواز من الجهة الأولى ، وحصر الامتناع بالجهة الثانية.
نعم يمكن الالتزام بالصحّة عند الاضطرار إلى الغصب ولو مع القول بالامتناع من الجهة الأولى ، من جهة أنّ الاضطرار يقلب الغصب من الحرمة إلى الإباحة فلا تكون المسألة من موارد اجتماع الأمر والنهي ، وهذا بخلاف مثل أكرم عالما ولا تكرم الفاسق حيث إنّ الاضطرار إلى إكرام الفاسق من العالم لا يكون موجبا لدخوله تحت الأمر.
وحاصل الفرق بين مثل أكرم عالما ولا تكرم الفاسق وبين مثل صلّ ولا تغصب على القول بالامتناع من الجهة الأولى ، أنّ المسألة الثانية وإن رجعت إلى التخصيص الواقعي حتّى بطريقة أخذ الغصب جهة تعليلية ، إلاّ أنّ ذلك التخصيص الواقعي ناشئ عن التزاحم.
وهذا التزاحم وإن كان واقعا في مقام الجعل والتشريع فيكون تزاحما آمريا لا مأموريا ، ويكون محصّل ذلك هو أنّ الشارع المقدّس نظر إلى الصلاة في المكان المغصوب فرأى فيها ملاكا يقتضي أن يجعل لها حكم الحرمة ، كما أنّه رأى فيها ملاكا يقتضي أن يجعل لها الوجوب ، فلمّا رأى أنّ ملاك الحرمة أقوى جعل الحكم على طبقه ، وجعل الأمر الوارد على الصلاة مختصّا بما عدا هذا الصنف. لكن كلّ ذلك بعد فرض أنّ الغصب [ فيه ] ملاك يقتضي جعل الحرمة ، وهو إنّما يكون مقتضيا لجعل الحرمة إذا لم يكن مضطرا إليه ، فحيث يكون مضطرا إليه لا يقتضي جعل الحرمة ، أو أنّ الاضطرار يكون مانعا من جعل الحرمة ، وحيث قد انسدّ باب جعل الحرمة لم يبق لدى الشارع ما يوجب اختصاص جعله الوجوب بما عدا مورد ذلك الغصب المضطرّ إليه ، فلا تكون