مثال الثالث : لا تلبس الحرير في الصلاة ، أو لا تلبس الحرير بقول مطلق ، ومسألة الاجتماع على القول بالجواز من الجهة الأولى والامتناع من الجهة الثانية.
وهناك صورة رابعة : وهي ما لو قلنا إنّ الصلاة مقيّدة بعدم لبس الحرير مثلا وأنّ لبسه حرام ، وكلّ من هذين الحكمين في عرض الآخر ، وهما ناشئان عن مفسدة أوجبت جعل كلّ واحد منهما في عرض الآخر ، لا أنّ الأوّل وهو المانعية معلول للثاني وهو الحرمة التكليفية.
وهذه الصورة هي محلّ ما أفاده قدسسره في الصورة الثانية ، وأمّا الصورة الثانية فهي عارية عن الحكم الشرعي الوضعي أعني تقيّد الصلاة بعدم لبس الحرير كي يتكلّم في أنّه في عرض الحرمة أو هو معلول لها. نعم لو دلّ الدليل على تقييد الصلاة بعدم الحرير كما دلّ على حرمة لبسه مطلقا أو في حال الصلاة كانت داخلة في الصورة المذكورة أعني الرابعة.
ولعلّ مراده بالثانية هو هذه الصورة ، إلاّ أنّ قوله : أو موارد اجتماع الأمر والنهي بناء على الامتناع من الجهة الأولى انتهى ، يمنع من ذلك إذ لا ريب في عدم تحقّق المانعية الوضعية أعني التقييد بالعدم في مسألة الاجتماع.
والحاصل : أنّ الصورة الثانية ممحّضة لكون الصلاة في الحرير منهيا عنها ، وكذلك الصلاة في المكان المغصوب بناء على الامتناع من الجهة الأولى ، ومقتضى ذلك هو خروجها بالتخصيص عن عموم الأمر بالصلاة ، نظير خروج العالم الفاسق عن عموم الأمر باكرام عالم من العلماء. ولا يمكن تصحيحه بالجهل أو بالاضطرار ، لكن لو ثبت الحكم بالصحّة في مورد الجهل أو في مورد الاضطرار التزمنا بصرف قوله ( لا تصلّ في الذهب ) إلى النهي عن لبس الذهب في حال الصلاة ، وكذلك الحال في مسألة الاجتماع فإنّه لو ثبتت الصحّة في موارد الجهل